الوسطى بين عقدتي الإبهام .. أتى بالسنة أيضاً؛ لورود جميع الكيفيات الخمس، أي: كان يفعل مرة هكذا، ومرة هكذا، لكن رواة الأول أفقه.
تنبيه: سميت مسبحة -بكسر الباء- لأنها يشار بها عند التوحيد، وخصت بذلك؛ لاتصالها بـ (نياط) القلب، أي: العرق الذي فيه، فكأنها سبب لحضوره، وتسمى -أيضاً- سبابة؛ لأنها يشار بها عند السب والمخاصمة.
(و) يسن (رفعها) -أي: المسبحة- مع إمالتها قليلاً؛ لئلا تخرج عن سمت القبلة (عند أول قوله:"إلا الله")؛ للاتباع، ولا يضعها إلى القيام أو السلام، قاصداً بذلك الإشارة إلى أن المعبود واحد؛ ليجمع في توحيده بين اعتقاده وقوله وفعله، وتكره الإشارة بغيرها وإن قطعت؛ لفوات ما هو السنة فيه، ويكون رفعها (بلا تحريك)؛ للاتباع، وخروجاً من خلاف القول ببطلان الثلاث حركات ولو خفيفة.
واعترض بأنه كما ثبت عدم التحريك ثبت التحريك أيضاً، والمثبت مقدم على النافي.
(وأكمل التشهد) عندنا (التحيات) مرَّ معناها (المباركات) أي: الناميات (الصلوات) أي: الخمس، وقيل: الدعاء بخير (الطيبات) أي: الصالحات؛ للثناء عليه تعالى (لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله) ومرَّ الكلام على جميع ذلك.
واختار الشافعي رضي الله تعالى عنه هذا؛ لتأخره، ولقول ابن عباس -الراوي ذلك-: (كان صلى الله عليه وسلم يعلمنا ذلك كما يعلمنا السورة)، ولزيادة (المباركات) فيه، فهو أوفق بقوله تعالى:(تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً)[النور:٦١] فهو أولى من خبر ابن مسعود وإن كان أصح، وهو (التحيات لله والصلوات والطيبات إلى آخر ما مر)، إلا أنه قال فيه:(وأن محمداً عبده ورسوله)، فالإضافة إلى الجلالة تقوم مقام زيادة (عبده) في رواية ابن مسعود؛ لما في التلفظ بالجلالة من الفوائد، كالتلذذ والتبرك بذكره وغير ذلك.