قدم كسوف الشمس على خسوف القمر؛ لتقدمها في القرآن، وكثرة الانتفاع بها، وقدما على الاستسقاء؛ للإتفاق عليهما، ولم يترك صلى الله عليه وسلم الصلاة لهما، بخلاف الاستسقاء فتركه أحياناً.
(ثم الوتر) -بفتح الواو وكسرها- لخبر:"أوتروا، فإن الله وتراً يحب الوتر"، وخبر:"الوتر حق واجب على كل مسلم، فمن أحب أن يوتر بخمس .. فليفعل، أو بثلاث .. فليفعل، أو بواحدة .. فليفعل" رواه أبو داوود بإسناد صحيح؛ ولوجوبه عند أبي حنيفة، ولطلب الجماعة فيه في بعض الأوقات.
وصرفه عندنا عن الوجوب خبر: هل علي غيرها، قال:"لا".
وتسميته واجباً في الحديث، كتسمية غسل الجمعة واجباً في بعض الأحاديث، فالمراد به مزيد التأكيد، ولذا كان أفضل مما لا تسن فيه الجماعة، وليس الوتر من رواتب الفرائض، فلا تصح إضافته للعشاء.
ومن جعله من الرواتب نظر إلى توقفه على فعل العشاء ولو قضاءً، ولو صلى ما عدا ركعة الوتر .. أثيب عليه ثواب الوتر، وكذا من أتى ببعض التراويح .. أثيب على ما أتى به ثواب التراويح، كما في "التحفة"، زاد الرشيدي: وإن قصد الاقتصار عليه.
(وأقله ركعة)؛ لما مر في الحديث، فلا عبرة بمن خالفه، لكن قال الشرقاوي: المداومة عليها مكروهة.
ولو نوى الوتر وأطلق .. حمله على ما يريد عند (حج)، وعلى الثلاث عند (م ر)، ولو نذر الوتر .. لزمه ثلاث؛ لأن الاقتصار على واحدة مكروه، فلا يتناولها النذر.
(وأكثره: إحدى عشرة) ركعة وإن تخللها غيرها؛ للخبر المتفق عليه عن عائشة رضي الله عنها:(ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان، ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة).
وأدنى الكمال: ثلاث؛ لخبر:(كان صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث).
وأكمل منها: خمس، فسبع، فتسع، وإنما يحصل كمال سنته إذا فعل بالأوتار، وأمّا أصل السنة .. فيحصل مطلقاً كما مر، وقيل: أكثره ثلاث عشرة؛ للخبر الصحيح عن أم سلمة رضي الله عنها، لكن حمل على أنها حسبت سنة العشاء، وألحقه بعضهم