النية بحديث "إنما الأعمال بالنيات"، والترتيب بخبر "ابدأوا بما بدأ الله به" وهو وإن كان وارداً في السعي، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولأن العرب لا ترتكب تفريق المتجانس إلا لنكتة، وقد فرق في الآية بين المغسولات بالممسوح، فعلمنا أنه لنكتة الترتيب.
(الأول) النية؛ لخبر:"إنما الأعمال -أي صحتها- بالنيات".
وحقيقتها لغة: القصد، وشرعاً: قصد الشيء مقترناً بفعله إلا في صوم، ونحو زكاة .. فيغتفر تقديمها؛ للعسر، أما المتقدم على الفعل .. فعزم.
وحكمها: الوجوب، ومحلها: القلب.
والمقصود بها: تمييز العبادة من العادة، أو تمييز رتب العبادة ككون العبادة صلاة، وكونها فرضاً.
وشرطها: إسلام الناوي، وتمييزه، وعلمه بالمنوي، وتحقق المقتضي وقدرته على المنوي، وعدم إتيانه بما ينافيها من ردة، ونية قطع، وتردد فيه، وتعليق.
وكيفيتها تختلف بحسب الأبواب، فيجزىء السليم هنا (نية رفع الحدث) أي: المعهود ذهناً، وهو الذي عليه، وهو هنا: الأصغر، ويصح أن يراد به: الأمر الاعتباري، أو المنع، أو هما؛ بناءً على استعمال المشترك في معنييه، والمرتفع فيهما نفس الحدث المنوي منهما، وأن يراد به: السبب، فيقدر مضاف، أي: رفع حكمه، وهو المنع من الصلاة، فيرجع إلى الثاني.
فإذا قال: نويت رفع الحدث وأطلق .. انصرف إلى حكمه وإن لم يلاحظ ذلك، فإن نوى رفع السبب نفسه .. لم يصح؛ لأن الواقع لا يرتفع.
ولو نوى رفع بعض الأحداث، كأن نام وبال، فنوى رفع حدث النوم لا البول .. صح؛ لأن الحدث لا يتجزأ، إذا ارتفع بعضه .. ارتفع كله، كما لو نوى رفع غير حدثه، كأن بال فنوى رفع حدث النوم .. فيصح، وقيده (حج) بكونه غالطاً.
ولو نوى أن يصلي به في محل نجس .. لم يصح؛ لعدم القدرة على المنوي. وتدخل السنن هنا -كالصلاة- تبعاً عند إتيانه بنحو هذه النية، أو فرض الطهارة.
(أو الطهارة للصلاة) أو عن الحدث، أو أداء فرض الطهارة، أو أداء الطهارة، أو الطهارة الواجبة، (أو نحو ذلك) كنية فرض الوضوء، أو أداء الوضوء، وكذا نية