(لا سيما العشر الأواخر) منه فهي أولى بإكثار ما ذكر وغيره من كل خير؛ للاتباع.
(و) ذلك؛ لأن (فيها ليلة القدر) عندنا، فلعله يصادفها بما ذكر.
وقيل: ليلة تسعة عشر، وقيل: سبعة عشر، وقيل: ليلة النصف، وقيل: جميع رمضان، وقيل: جميع السنة، بل فيها للعلماء أربعون قولاً.
وميل الشافعي رحمه الله: أنها ليلة الحادي، أو الثالث والعشرين؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أريها في العشر الأخير في ليلة وتر، وأنه يسجد في ماء وطين، فكان ذلك ليلة الحادي والعشرين كما في الصحيحين، أو ليلة الثالث والعشرين كما في مسلم.
واختير أنها تنتقل في ليالي العشر الأخيرة، وبه تجتمع الأحاديث المتعارضة، وكلام الشافعي في الجمع بين الأحاديث يقتضيه.
وحكمه إبهامها: إحياء جميع الليالي بالعبادة، وهي من خصائصنا، وباقية إلى يوم القيامة، والتي (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان:٤].
وأغرب مَنْ جعلها ليلة نصف شعبان.
وعلامتها: أنها معتدلة، وتطلع شمس يومها بيضاء، وليس لها كثير شعاع؛ لنور الملائكة الصاعدين والنازلين، والعمل فيها خير من العمل في الف شهر ليس فيها ليلة قدر.
وصح خبر: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً .. غفر له ما تقدم من ذنبه" وفي رواية: "وما تأخر".
وروى البيهقي: "من صلى العشاء في جماعة حتى ينقضي رمضان .. فقد أخذ من رمضان بحظ وافر".
وخبر "من شهد العشاء الأخيرة في جماعة من رمضان .. فقد أدرك ليلة القدر"، اي: أصل ثوابها، وأمَّا كماله .. فلمن رآها.
وسميت ليلة القدر؛ لعظم قدرها، أو لأن الله تعالى يقدر فيها ما يشاء.
ومن خصائصها أنها لا ينعقد فيها نطفة كافر، وينكشف فيها شيء من عجائب الملكوت، والناس متفاوتون في هذا الكشف.
وقد نظم العلامة القليوبي قاعدة تعلم بها ليلة القدر بقوله [من الرجز]:
يا سِائلي عن لَيْلَةِ القَدْرِ التي ... في عَشْرِ رَمْضان الأخير حلَّت