ومال (م ر) إلى ما قاله ابن المنذر بأنه يكفر الكبائر.
قال الكردي: (ما صرحت الأحاديث بأن شرط التكفير اجتناب الكبائر .. لا شبهة في عدم تكفيره الكبائر، وما صرحت فيه أنه يكفر الكبائر .. لا ينبغي التوقف أنه يكفرها، وما أطلقت الأحاديث في التكفير به .. ملت في الأصل: أنَّ الإطلاق يشمل الكبائر، والفضل واسع) اهـ
ونقل الشرقاوي عن ابن عباس رضي الله عنه أن في الحديث بشرى بحياة السنة المقبلة لمن صامه.
وإنما يسن صومه (لغير الحاج والمسافر) ولو سفراً قصيراً والمريض.
أمَّا الحاج .. فيسن له فطره وإن لم يضعفه؛ تأسياً به صلى الله عليه وسلم، ويتقوّى على الدعاء.
فصيامه له خلاف السنة، وقيل: مكروه، واستوجهه في التحفة؛ لصحة النهي عنه.
نعم؛ يسن صومه لحاج غير مسافر لا يصل عرفة إلا ليلاً.
وأمَّا المسافر .. فيسنّ له الفطر إن أتعبه الصوم، ومثله: المريض.
وظاهر كلامهم أنَّ باقي ما يطلب صومه لا فرق فيه بين المسافر وغيره؛ لأنهم خصوا التفصيل المذكور بعرفة.
وأجاب بعضهم بأنه يجري في غير عرفة بالأولى؛ لأنه دون عرفة في التأكيد.
وظاهر إطلاقهم: عدم انتفاء الكراهة بضم يوم إلى عرفة قبله أو بعده، بل فرقوا بينه وبين الجمعة وإن اتحدت العلة فيهما.
ويسن صوم الثمانية الأيام قبله، وهي المراد بقوله: (وعشر ذي الحجة).
لكن الثامن مطلوب؛ احتياطاً ليوم عرفة، ولدخوله في الثمانية، كما أن يوم عرفة مطلوب؛ لكونه من عشر ذي الحجة.
ويوم عرفة (وعاشوراء) بالمد -كما بعده- عاشر المحرم؛ لخبر: "أحتسب على الله -أي: أدّخر عنده، أو أرجو منه- أن يكفر السنة التي قبله".
ولعظم فضل هذه الأمة شاركت أهل الكتاب في فضيلة هذا اليوم، واختصت بعرفة الذي فيه الأجر ضعفه وبغيره.
وصَرف الأمر بصومه في الإخبار عن الوجوب إلى الندب المؤكد خبر الصحيحين: