الثامن: أن يبقى بعد الاستطاعة ما يمكنه الوصول فيه إلى مكة بالسير المعتاد، بحيث لا يحتاج في بعض الأيام أو الليالي لقطع أكثر من مرحلة شرعية وإن اعتيد، وإلا .. لم يجب.
وإنما وجبت الصلاة بأوّل وقتها قبل مضي ما يسعها؛ لإمكان تتميمها بعده، بخلاف الحج، على أن ابن الصلاح قال: يجب ثم يسقط.
وفائدته عنده: وصفه بالإيجاب، وأنه لو مات يقضي من تركته قطعاً، ويلزمه الشروع في المقدمات.
أمّا العمرة .. فيعتبر لها ما يسع أعمالها، وقدر بثلثي يوم.
التاسع: أن يجد رفقة حيث لم يأمن وحده، يخرج معهم في الوقت المعتاد لا قبله؛ لزيادة المؤنة عليه، ولا بعده؛ لأنه يحتاج إلى قطع أكثر من مرحلة شرعية في بعض الأيام، وكل منهما يمنع الوجوب، وإن كان الأفضل خروجه معهم.
العاشر: أن يجد ما مرَّ من الزاد ونحوه بمال حاصل عنده، أو بدين حال على مليء، فلا تلزمه الاستدانة لذلك وإن تعينت لوفائه جهة ظاهرة، ولا اتهاب، ولا قبول نحو هبة؛ للمنة، ولا شراؤه بأكثر من ثمنه.
والحادي عشر: ما أشار إليه بقوله: (ولا يجب على الأعمى الحج) ولا العمرة (إلا إذا وجد قائداً) يقوده ويهديه عند ركوبه ونزوله، ولو بأجرة مثل قدر عليها، ويشترط فيه ما في الشريك المتقدم، ولا على أقطع إلا إن وجد معيناً، ولا على سفيه إلا إن وجد حافظ نفقة له.
تنبيه: لو استطاع ثم افتقر .. لزمه الكسب والمشي إن قدر عليه ولو فوق مرحلتين، وكذا السؤال على ما في "الإحياء".
لكنه لا يجب لدين آدمي عصى به، فالحج أولى.
النوع الثاني: استطاعة تحصيله بإنابة غيره عنه، وإنما تكون في ميت ومعضوب كما أشار إليه بقوله:
(ومن عجز عن) نسك (الحج) أو العمرة وقد أيس عن مباشرته (بنفسه)؛ لزمانة أو مرض لا يرجى برؤه أو هرم، ويسمى معضوباً -بمعجمة- من العضب، أي: القطع، كأنه قطع عن الحركة، أو بمهملة، كأنه قطع عصبه.