(ويحرم ذلك) أي: التعرض للصيد المذكور بأي وجه كان (في الحرم على الحلال) ولو كافراً ملتزماً لأحكامنا؛ للنهي الآتي عن تنفيره؛ تعظيماً للحرم، سواء أرسل السهم أو الكلب من الحل على صيد كله أو قائمة من قوائمه في الحرم واعتمد عليها وإن اعتمد على الأخرى في الحل أو عكسه؛ تغليباً للحرمة.
وإنما لم يضمن صيداً سعى من الحرم إلى الحل، أو من الحل إلى الحل، لكنه مرَّ أثناء سعيه في الحرم، ثم قتله؛ لأن ابتداء الاصطياد من حين الرمي أونحوه، لا من حين السعي، ولذا سنت التسمية عند الأول دون الثاني.
ولو أخرج يده من الحرم ونصب شبكة في الحل فتعقل فيها صيد .. لم يضمنه، ولا عبرة بكون قوائمه في الحرم كرأسه، والعبرة في القائم بمستقَره.
نعم؛ إن أصاب الجزء الذي في الحرم .. ضمنه ولو كان مستقراً على غيره كما في "الشرح".
قال الشرقاوي:(ويحرم دلالة المحرم على صيد، ثم إن قتله المدلول وهو محرم .. فميتة، وعليه الجزاء دون الدال إن لم يضع يده عليه، أو وهو حلال في الحرم فكذلك، أو في غيره فحلال، ولغير الدال الأكل منه، أمَّا هو .. فيحرم عليه.
ويحرم على الحلال أن يدل المحرم أيضاً على صيد وإن اختص بالجزاء، ولو أمسكه محرم، فقتله حلال .. ضمن المحرم الممسك، والقاتل ليس طريقاً في الضمان، فلا رجوع للممسك عليه بشيء، أو قتله محرم آخر .. ضمن وإن كان الممسك طريقاً في الضمان.
ثم قال: ويحرم على المحرم أكل ما صاده له الحلال وإن لم يعلم به ولم يدل عليه؛ تنزيلاً لصيده له منزلة دلالته عليه، ولا يحرم على الحلال الأكل منه في هذه الحالة، كما قرره الشيخ خضر.
وقرر شيخنا عطية حرمة الأكل على الحلال أيضاً، كالمحرم، وهو ظاهر؛ إذ قصد المحرم بالاصطياد يؤثر في التحريم أكثر من تأثير الدلالة.
واعلم: أنه لا يلزم الجزاء بدلالة ولا إعانة ولا أكل ما صيد للمحرم، خلافاً للأئمة الثلاثة، وقال أيضاً -عند قول التحرير: ويجوز أكله لضرورة الجوع- ومع جوازه هو ميتة وإن ذبحه خلافاً لـ (حج)؛ لأن مذبوح المحرم ميتة، كما قاله الرحماني.