وبما تقرر: عُلِمَ أن إضافة (شرائع) إلى (الإسلام) بمعنى اللام؛ أي: أحكام للإسلام، فقول العلامة ابن حجر في "شرحه": (إنها بيانية) .. غير ظاهر، كما بينته في "الأصل".
وقوله:(ومعرفة) أحكام (صحيح المعاملة وفاسدها) من عطف الخاص؛ إذ الشرائع عامة في أحكام المعاملة وغيرها، وإنما أتى به تنبيهاً لما فرط فيه معظم الخلق؛ لأنهم لا يكادون يعولون في ذلك على شرع، بل أحدثوا فيها أحكاماً طاغوتية، وعارضوا، بل أبطلوا أحكام الله بها.
وإنما وجب معرفة ما ذكر (لتعريف) أي: معرفة (الحلال) الشامل للواجب والمندوب والمباح والمكروه (والحرام) حتى يُتعاطى الحلال ويُجتنب الحرام، وفي نسخة:(من الحرام) أي: ليتميز الحلال الطيب من الحرام الخبيث.
(وجعل مآل) أي: عاقبة (من عَلِمَ ذلك وعمل به الخلودَ في دار السلام) أي: الجنة على أسَرِّ حالٍ وأهنئه، من غير سبق نكد له في قبره ولا فيما بعده.
(و) جعل (مصير من خالفه وعصاه) عطف تفسير (دار الانتقام) وهي: النار دائماً متحتماً إن كان معصيتُه بالكفر، وإلا .. فمعنى كونها مصيره: أنه يستحق دخولها بلا خلود، إلا إن عفا الله عنه.
ولما تكلم على استحقاقه تعالى لمجامع الحمد وصفات الكمال .. شهد له باستحقاقه تعالى الألوهية، ونفيها عما سواه؛ إشارة إلى أن تلك الشهادة الشريفة داخلة فيما قدمه، بل استحقاق إثبات الإلوهية له أجَلُّ ظهوراً، ومن ثم عطَفه على (الحمد) فصرح بما علم، فقال:
(وأشهد) .. إلخ؛ لخبر أبي داود:"كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء".
وأصل الشهادة مأخوذة من المشاهدة، ثم نقلت شرعاً إلى الإخبار بحق الغير عن مشاهدة، ثم نقلت إلى العلم بكثرة كما هنا، أي معناها: أعلم ذلك بقلبي وأبيِّنه بلساني، قاصداً بذلك الإنشاء حال تلفظه، وكذا سائر الأذكار والتنزيهات.