وفي رواية ابن إسحاق عن ماوية: وما أعلم في الأرض حبة عنب فأطلقت الأرض، وأرادت أرض مكة، ووقع في بعض نسخ البخاري بالمثناة وسكون الميم، "وما كان" ذلك القطف "إلّا رزقًا رزقه الله تعالى خبيبًا، وهذه كرامة جعلها الله تعالى لخبيب آية على الكفار، وبرهانًا لنبيه لتصحيح رسالته" وتوسط ابن بطال بين من يثبت الكرامة ومن ينفيها، فجعل الثابت ما جرت به العادة لآحاد الناس أحيانًا, والممتنع ما يقلب الأعيان. "و" لكن "الكرامة للأولياء ثابتة مطلقًا" سواء كانت من معجزات الأنبياء، أم لا "عند أهل السنة، لكن استثني بعض المحققين منهم، كالعلامة الرباني، أبي القاسم" عبد الكريم بن هوازن، الحافظ المفسر، الفقيه النحوي اللغوي، الأديب، الكاتب، "القشيري" الشجاع، البطل، المجمَع على إمامته، وأنه لم ير مثل نفسه، ولا رأى الراءون مثله، وأنه الجامع لأنواع المحاسن, ولد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وسمع الحديث من الحاكم وغيره. وروى عنه الخطيب وغيره، وصنّف التصانيف الشهيرة، وتوفي سنة خمس وستين وأربعمائة، "ما وقع به التحدي لبعض الأنبياء، فقال: ولا يصلون"، أي: الأولياء "إلى مثل إيجاد ولد من غير أب، ونحو ذلك" كقلب جماد بهيمة، لكن الجمهور على الإطلاق, والتفصيل أنكروه على قائله, حتى ولده أبو نصر في المرشد، وإمام الحرمين في الإرشاد، وقال: إنه مذهب متروك، وبالغ النووي فقال: إنه غلط، وإنكار للحس, وأن الصواب وقوعها بقلب الأعيان ونحوه, انتهى. ولكن له قوة ما فقد اختاره السبكي وغيره، والحافظ ابن حجر فقال: "وهذا أعدل