للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المذاهب في ذلك.

فإن إجابة الدعوة في الحال، وتكثير الطعام, والمكاشفة بما يغيب عن العين، والإخبار بما سيأتي, ونحو ذلك, قد كثر جدًّا، حتى صار وقوع ذلك ممن ينسب إلى الصلاح كالعادة.

فانحصر الخارق الآن في نحو ما قاله القشيري، وتعيّن تقييد من أطلق، بأن كل معجزة لنبي يجوز أن تقع كرامة لولي.

ووراء ذلك: إن الذي استقر عند العامة، أن خرق العادة يدل على أن من وقع له ذلك يكون من أولياء الله تعالى، وهو غلط، فإن الخارق قد يظهر على يد المبطل من ساحر وكاهن وراهب، فيحتاج من يستدل بذلك على ولاية أولياء الله تعالى إلى فارق، وأَوْلى من ذكروه: أن يختبر حال من وقع له ذلك، فإن كان متمسكًا بالأوامر الشرعية والنواهي، كان علامة على ولايته، ومن لا فلا


المذاهب" الثلاثة، إثبات الكرامة نفيها التفصيل، "في ذلك، فإن إجابة الدعوة في الحال،" أي: سريعًا، "ولكثير الطعام والمكاشفة بما يغيب عن العين والإخبار بما سيأتي, ونحو ذلك قد كثر جدًّا حتى صار وقوع ذلك ممن ينسب إلى الصلاح كالعادة، فانحصر الخارق" المذكور في تعريف الكرامة، بأنها ظهور أمر خارق للعادة على يد الولي، مقرون بالطاعة والعرفان، بلا دعوى نبوة, "الآن في نحو ما قاله القشيري وتعيّن تقييد من أطلق" القول، "بأن كل معجزة وجدت لنبي يجوز أن تقع كرامة لولي،" لا فارق بينهما إلّا التحدي, بقصر الجواز على غير إيجاد ابن بلا أب، وقلب العصا حية، والجمهور كما علمت على الإطلاق, إلّا بمثل القرآن مما خرج من المعجزات إلى الخصائص، قاله السعد والنووي "ووراء ذلك" الذي حققناه، "أن الذي استقرَّ عند العامَّة أن خرق العادة يدل على أن من وقع له ذلك يكون من أولياء الله تعالى وهو غلط، فإن الخارق" كما قال الباقلاني: "قد يظهر على يد المبطل من ساحر وكاهن وراهب".
وقال إمام الحرمين: فيه نظر, فلسنا نثبت لهم كرامة، "فيحتاج من يستدل بذلك على ولاية أولياء الله تعالى إلى فارق" بين الولي وغيره، "وأولى مما ذكروه أن يختبر حال من وقع له" الخارق، "فإن كان متمسكًا بالأوامر الشرعية والنواهي، كان علامة على ولايته، ومن لا فلا،" فقد حكي الاتفاق على أن الكرامة لا تظهر على الفسقة الفجرة، بل على الموفَّقين البررة.
نعم، قد تظهر على يد فاسق إنقاذًا له مما هو فيه، ثم يتوب بعدها، ويصير على أحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>