قال الحافظ: وقيل: ذكور النحل ولا واحد له من لفظه، وللبخاري: فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر, فحمته من رسلهم، "فلم يقدروا منه على شيء". وفي رواية البخاري في الجهاد: فلم يقدروا أن يقطعوا من لحمه شيئًا، ولأبي الأسود عن عروة: فبعث الله عليهم الدبر، تطير في وجوههم وتلدغهم، فحالت بينهم وبين أن يقطعوا. ولابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة، فلمَّا حالت بينهم وبينه قالوا: دعوه حتى يمسي فتذهب عنه فنأخذه، فبعث الله الوادي فاحتمل عاصمًا، فذهب به. وفي معالم التنزيل: فاحتمله السيل، فذهب به إلى الجنة, وحمل خمسين من المشركين إلى النار، وفي حياة الحيوان أنهم لما قتلوه أرادوا أن يمثلوا به, فحماه الله بالدبر حتى أخذه المسلمون فدفنوه. "و" في رواية ابن إسحاق، عن شيخه عاصم بن عمر، "كان عاصم بن ثابت قد أعطى الله عهدًا أن لا يمسَّه مشرك،" قوي رجاؤه في الله فعاهده بذلك، أو عاهده أن لا يمكِّن مشركًا من مَسِّه، أو المراد: سأله ذلك، "ولا يمس مشركًا" بمصافحة ونحوها مما يشعر بتعظيمه، أو الميل له, فلا ينافي أنه يقتلهم بالسيف والرمح. "وكان عمر" بن الخطاب، "لما بلغه خبره يقول: يحفظ الله العبد المؤمن بعد وفاته، كما حفظه في حياته" ففيه استجابة دعاء المسلم وإكرامه حيًّا وميتًا، "وإنما استجاب الله له في حماية لحمه من المشركين"؛ لقوله: اللهمَّ إني حميت لك دينك صدر النهار فاحم لحمي آخره. "ولم يمنعهم من قتله لما أراد الله من إكرامه بالشهادة، ومن كرامته حمايته من هتك حرمته بقطع لحمه" كما طلب، ولا يستلزم ذلك كونه أفضل من حمزة ونحوه كما هو ظاهر، والله أعلم.