للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعرض عليه الإسلام فلم يسلم ولم يبعد, وقال: يا محمد, لو بعثت رجالًا من أصحابك إلى أهل نجد فدعوتهم إلى أمرك لرجوت أن يستجيبوا لك, فقال -عليه الصلاة والسلام: "إني أخشى أهل نجد عليهم". قال أبو براء: أنا لهم جاء فابعثهم.

فبعث -عليه الصلاة والسلام- المنذر بن عمرو، ومعه القراء وهم سبعون -وقيل: أربعون, وقيل: ثلاثون.

وقد بَيِّنَ قتادة في روايته أنهم كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل


وأرسل إليه أنني قد أصابني وجع، أحسبه قال: يقال له الدبلة، فابعث إلي شيء أتداوى به، فأرسل إليه بعكة عسل، وأمره أن يستشفي به, وردَّ عليه هديته، وقال: "إني نهيت عن زبد المشركين" انتهى. وهذا قبل ما تقدَّم بلا ريب لا بعده؛ لموته أسفًا على ما صنع عامر سريعًا. "فعرض عليه الإسلام فلم يسلم، ولم يبعد" بفتح أوله وضم العين, بل قال: يا محمد, إني أرى أمرك هذا حسنًا شريفًا، وقومي خلفي، فلو أنك بعث معي نفرًا من أصحابك؛ لرجوت أن يتبعوا أمرك، فإنهم إن اتبعوك فما أعز أمرك، "وقال: يا محمد, لو بعثت رجال من أصحابك إلى أهل نجد فدعوتهم" بفتح التاء خطابًا، أي: بواسطة من ترسله إليهم، "إلى أمرك لرجوت" بضم التاء على التكلم "أن يستجيبوا لك، فقال -عليه الصلاة والسلام: "إني أخشى أهل نجد عليهم" هو في الأصل ما أشرف من الأرض.
"قال أبو براء: أنا لهم جار" أي: هم في ذمامي وعهدي وجواري، "فابعثهم، فعث -عليه الصلاة والسلام- المنذر بن عمرو، ومعه القراء" وانفصل المصنف عن رواية ابن إسحاق التي هو فيها دون بيان، فقال: "وهم سبعون" كما في البخاري ومسلم من طرق عن أنس.
قال السهيلي: وهو الصحيح، "وقيل: أربعون،" كما في رواية ابن إسحاق وموسى بن عقبة.
قال الحافظ: ويمكن الجمع بأنّ الأربعين كانوا رؤساء، وبقية العدة أتباعًا "وقيل: ثلاثون".
قال الحافظ: هو وهم، لكن قال في الغرر: إن رواية القليل لا تنافي رواية الكثير، وهو من باب مفهوم العدد، وكذا قول من قال ثلاثين، انتهى.
"وقد بَيِّنَ قتادة" بن دعامة "في روايته", عن أنس في الصحيح "أنهم كانوا يحتطبون،" يجمعون الحطب "بالنهار، ويصلون بالليل", ولفظه: استمدوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم, فأمدَّهم بسبعين من الأنصار, كنَّا نسميهم القراء في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل, وادَّعى الدمياطي أن هذه الرواية وهم، فإنهم لم يستمدوه -صلى الله عليه وسلم, وإنما الذي استمدَّهم عامر بن الطفيل على الصحابة.
قال الحافظ: ولامانع أن يستمدوه -صلى الله عليه وسلم- في الظاهر, وقصدهم الغدر بهم، ويحتمل أن

<<  <  ج: ص:  >  >>