للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي رواية ثابت: ويشترون به الطعام لأهل الصفة، ويتدارسون القرآن بالليل.

فساروا حتى وصلوا إلى بئر معونة، بعثوا حرام بن ملحان بكتابه -صلى الله عليه وسلم- إلى عدو الله عامر بن الطفيل العامري، ومات كافرًا -وليس هو عامر بن


الذي استمدوه غير الذين استمدهم عامر، والكل من بني سليم.
وفي رواية عاصم عن أنس عند البخاري أنه -صلى الله عليه وسلم- بعث أقوامًا إلى ناس من المشركين بينهم وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عهد، ويحتمل أنه لم يكن استمدادهم لهم لقتال عدو، وإنما هو للدعاء للإسلام، وقد أوضح ذلك ابن إسحاق، فذكر ما نقله المصنف عنه، وقيل في تأويله أيضًا، أي: طلبوا منه مدة يمهلهم فيها، أي: للتروي في الإسلام؛ لأنهم لم يسلموا ولم يظهروا إسلامًا.
"وفي رواية ثابت" البناني، عن أنس في الصحيح: "ويشترون به،" أي: الحطب, "الطعام لأهل الصفة" وللفقراء.
وفي رواية: ويأتون به إلى حجر أزواجه -صلى الله عليه وسلم، "ويتدارسون القرآن بالليل"، ويصلون كما هو بقية رواية ثابت، والجمع بين هذه الروايات سهل, بأنهم كانوا يصلون بعض الليل، ويدرسون بعضه، ويحتطبون ويبيعون بعضه، يشترون به طعامًا لأهل الصُّفَّة والفقراء، وبعضه يأتون به الحجر الشريفة, أو بعضهم يفعل كذا، والآخر كذا، أو يفعلون ذا مرة وذا مرة، وقوله: لأهل الصفة, لا يفهم أنهم ليسوا من أهلها.
وقد نصَّ المصنف في بناء المسجد على أنهم من أهل الصفة، فبعض أهل المحل يشتري لبعض، كما هو مشاهد في كثير من الزوايا والربط, فلا حاجة لحمله على النفي والإثبات وتعسف الجمع، بأن من عدهم من أهلها نظر إلى إعراضهم عن نحو: التجارة والزراعة ومخالطة أهلها إلّا وقت الحاجة, ومن لم يعد بناه على أن أهلها هم الملازمون للمسجد الذين لم يتعلقوا بشيء غير العبادة، أو أمر ضروري يخرجون له ويعودون سريعًا.
"فساروا حتى وصلوا إلى بئر معونة، بعثوا حرام" بمهملة وراء "ابن ملحان" بكسر الميم أشهر من فتحها، أخو أم سليم, خال أنس بن مالك "بكتابه -صلى الله عليه وسلم- إلى عدو الله عامر بن الطفيل" ابن مالك بن جعفر الكلابي "العامري", وهو ابن أخي أبي براء، "ومات كافرًا" بإجماع أهل النقل، وعدَّه المستغفري صحابيًّا غلط، قاله البرهان.
وقال الحافظ: هو خطأ صريح، فإن عامرًا مات كافرًا، وقصته معروفة -يريد في الصحيح وغيره, من قدومه على النبي -صلى الله عليه وسلم، وقوله: لك أهل السهل ولي أهل المدر، أو أكون خليفتك، أو أغزوك بألف أشقر وألف شقراء، فقال -صلى الله عليه وسلم: "اللهم اكفني عامرًا"، فطعن في بيت امرأة فقال: غدة كغدة البكر في بيت امرأة، ائتوني بفرسي، فمات على ظهر فرسه، "وليس هو عامر بن

<<  <  ج: ص:  >  >>