وقال البيضاوي: يريد المبالغة في الاختصاص بالمنفعة والبركة، فكأنها من طعامها؛ لأن طعامها يزيل الأذى، أو المراد أنَّ أصلها نزل به آدم من الجنة. روى الثعلبي عن ابن عباس: هبط آدم من الجنة بثلاثة أشياء: بالآسة وهي سيدة ريحان الدنيا، والسنبلة وهي سيدة طعام الدنيا، والعجوة وهي سيدة ثمار الدنيا، وهي ظاهر ما رواه أحمد، وابن ماجه وصححه الحاكم مرفوعًا: "العجوة والصخرة والشجرة من الجنة"، "وتمرها يغذو أحسن غذاء". قال السمهوري: لم يزل أطباق الناس على التبرك بالعجوة، وهو النوع المعروف الذي يأثره الخلف عن السلف بالمدينة, ولا يرتابون في تسميته بذلك. وقال ابن الأثير: ضرب من التمر أكبر من الصيحاني، عمَّا غرسه المصطفى بيده بالمدينة. "والبرني أيضًا كذلك" كانوا يقتاتونه؛ لأنه يغذو أحسن غذاء، فليس تشبيهًا في كل ما سبق حتى يشمل أنه من الجنة كالعجوة؛ لعدم وروده. وفي الفتح: والبرني دون اللينة، وأسقط المصنف من كلام الروض عقب قوله كذلك ما لفظه. وقال أبو حنيفة: معناه بالفارسية: حمل مبارك، فإن بر معناه: حمل وني، ومعناه: جيد أو مبارك, فعربته العرب وأدخلته في كلامها. وفي حديث وفد عبد القيس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لهم، وذكر البرني أنه من خير تمركم، وإنه دواء وليس بداء، "ففي قوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَة} [الحشر: ٥] الآية، ولم يقل من نخلة على العموم، تنبيهًا على كراهة قطع ما يقتات، ويغذو من شجر العدو إذا رجي أن يصل إلى المسلمين", وقد كان أبو بكر يوصي الجيوش أن لا يقطعوا شجرًا مثمرًا، وأخذ بذلك الأوزاعي، فأمّا تأولوا حديث بني النضير، وإما رأوه خاصًّا برسول الله -صلى الله عليه وسلم, إلى هنا كلام الروض. "قال ابن إسحاق": عقب ما مَرَّ عنه قبل كلام السهيلي: "وقد كان رهط من بني عوف بن