للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخزرج منهم عبد الله بن أُبَيّ بن سلول, بعثوا إلى بني النضير: أن اثبتوا وتمنَّعوا، فإنا لن نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم. فتربصوا, فقذف في قلوبهم الرعب، فلم ينصروهم. فسألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجليهم عن أرضهم ويكفّ عن دمائهم.

وعند ابن سعد: أنهم حين هموا بغدره -صلى الله عليه وسلم, وأعلمه الله بذلك، بعث إليهم محمد بن مسلمة: "أن اخرجوا من بلدي فلا تساكنوني بها، وقد هممتم بما هممتم به من الغدر، وقد أجَّلتكم عشرًا، فمن رؤي منكم بعد ذلك ضربت عنقه".

فمكثوا على ذلك أيامًا يتجهزون، وتكاروا من أناس من أشجع إبلًا، فأرسل


الخزرج،" منافقون "منهم: عبد الله بن أُبَيّ بن سلول" رأسهم, وديعة بن مالك بن أبي قوقل، وسويد وداعس "بعثوا" سويدًا وداعسًا "إلى بني النضير" حين هموا بالخروج، كما عند ابن سعد، ولذا عقب بها المصنف رواية ابن إسحاق هذه تبعًا لما في العيون قصدًا إلى الإحاطة بالروايتين: "أن اثبتوا وتمنّعوا".
قال البرهان: بتشديد النون المفتوحة، "فإنّا لن نسلمكم, إن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم فتربصوا" أي: انتظروا ذلك، "فقذف الله في قلوبهم الرعب" بقتل سيدهم كعب بن الأشرف.
روى عبد بن حميد: إن غزوة بني النضير كانت صبيحة قتل كعب بن الأشرف، "فلم ينصروهم،" وفيهم نزل قوله تعالى: {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا} الآية. إلى قوله: {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِم} الآية. قاله ابن إسحاق. "فسألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجليهم" يخرجهم، "عن أرضهم،" وكان لهم الجلاء نقمة من الله، "ويكف عن دمائهم", أي: بد سؤالهم في أنه يخرجهم مع بقاء أموالهم، كما أمرهم أولًا، فقال: "لا أقبله اليوم" كما ذكر ابن سعد.
"وعند ابن سعد أنهم حين هموا بغدره -صلى الله عليه وسلم, وأعلمه الله بذلك" نهض سريعًا إلى المدينة، "بعث إليهم محمد بن مسلمة" الأنصاري "أن أخرجوا من بلدي" المدينة؛ لأن مساكنهم من أعماله، فكأنها منها، "فلا تساكنوني بها، وقد هممتم بما هممتم به من الغدر" جملة حالية، "وقد أجَّلتكم عشرًا فمن رؤي منكم بعد ذلك ضربت" بالبناء للمفعول "عنقه" يذكر ويؤنث، وهو لغة الحجاز بمعنى: أنه يأذن إذنًا عامًّا يقتل كل يهودي، "فمكثوا على ذلك أيامًا".
روى البيهقي في الدلائل عن محمد بن مسلمة أنه -صلى الله عليه وسلم- بعثه إلى بني النضير، وأمره أن يؤجلهم في الجلاء ثلاثة أيام، "يتجهزون وتكاروا،" أي: اكتروا، "من أناس من أشجع إبلًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>