للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيئسوا من نصرهم، فحاصرهم -صلى الله عليه وسلم, وقطع نخلهم، وقال لهم -عليه الصلاة والسلام: "اخرجوا منها، ولكم دماؤكم وما حملت الإبل إلا الحلقة" -بإسكان اللام, قال في القاموس: الدرع, فنزلت يهود على ذلك, فحاصرهم خمسة عشر يومًا، فكانوا يخربون بيوتهم بأيديهم.

ثم أجلاهم عن المدينة, وولي إخراجهم محمد بن مسلمة. وحملوا النساء والصبيان، وتحمَّلوا أمتعتهم على ستمائة بعير


أبا دجانة وسهل بن حنيف في عشرة، فأدركوا اليهود الذين فروا من علي، فقتلوهم وطرحوا رؤسهم في بعض الآبار، انتهى من السبل. "فيئسوا من نصرهم, فحاصرهم -صلى الله عليه وسلم, وقطع نخلهم".
زاد ابن سعد، فقالوا: نحن نخرج من بلادك، فقال: لا أقبله اليوم، "وقال لهم -عليه الصلاة والسلام: "اخرجوا منها ولكم دماؤكم وما حملت الإبل إلا الحلقة -بإسكان اللام".
"قال في القاموس: الدرع"، وقيل: السلاح كله، حكاه في النور، واقتصر عليه المصباح، وهو المراد هنا لقوله بعد، ووجد من الحلقة إلخ. "فنزلت يهود على ذلك, وكان حاصرهم خمسة عشر يومًا", وقيل: أكثر وأقل كما مَرَّ بالجمع. "فكانوا" كما قال الله تعالى: {يُخْرِبُونَ} بالتشديد والتخفيف، من أخرب، {بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ} لينقلوا ما استحسنوه منها من خشب وغيره, {وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} يخربون باقيها.
وفي الروض: يخربونها من داخل, والمؤمنون من خارج، وقيل: معنى بأيديهم: بما كسبت أيديهم من نقض العهد, وأيدي المؤمنين، أي: بجهادهم, انتهى. "ثم أجلاهم عن المدينة"؛ لأنه كتب عليهم كما في التنزيل {وَلَوْلا} ، أي: {أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا} ، أي: بالقتل والسباء, {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ} مع ذلك، فلذا لم يستأصلهم بالقتل، أو لأنه رآه مصلحة, وإن حربهم قد يؤدي إلى سفك دماء المسلمين، وقد يرجع حلفاؤهم ويعينونهم، "وولي إخراجهم محمد بن مسلمة" الأنصاري، "وحملوا النساء والصبيان" على الهوادج، وعليهنّ الديباج والحرير والخز الأخضر والأحمر وحلي الذهب والفضة والمعصفر، وأظهروا تجلدًا عظيمًا.
قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، أنه حدث أنهم خرجوا بالنساء والأبناء والأموال، معهم الدفوف والمزامير والقينات، يعزفن خلفهم بزهاء وفخر لم ير مثله، قال: ولم يسلم منهم إلا يامين بن عمير وأبو سعد بن وهب، فأحرزوا أموالهما.
قال: وحدثني بعض آل يامين، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال له: "ألم تر ما لقيت من ابن عمك وما هم به من شأني" , فجعل يامين لرجل من قيس عشرة دنانير، ويقال: خمسة أوسق من تمر على أن يقتل عمرو بن جحاش, فقتله غيلة، "وتحمَّلوا" بمعنى احتملوا، أي: حملوا "أمتعتهم على ستمائة بعير

<<  <  ج: ص:  >  >>