"وأقام عليه الصلاة والسلام وأصحابه" في حصار الكفار على الخندق، ولم يكن بينهم قتال إلا مراماة بالنبل والحجارة "بضع عشرة ليلة". وذكر موسى بن عقبة أن مدة الحصار عشرون يوما، نقله الفتح. وفي العيون: بضع وعشرون ليلة قريب من شهر. وفي الهدي: إنه شهر. "فمشى نعيم بن مسعود" بن عامر بن أنيف، بنون وفاء مصغر "الأشجعي" الصحابي، المشهور، المتوفى أول خلافة علي، خرج له أبو داود، "وهو مخف إسلامه، فثبط قوما" وهم بنو قريظة "عن قوم" وهم قريش ومن معهم، "وأوقع بينهم شرا" كراهية من كل فريق للآخر لا حربا، وإنما فعل ذلك "لقوله عليه الصلاة والسلام" له لما أتاه قائلا: إني أسلمت، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت، قال صلى الله عليه وسلم: "خذل عنا فـ " إن الحرب خدعة " ". قال الحافظ: بفتح المعجمة، وبضمها مع سكون الدال المهملة فيها، وبضم أوله وفتح ثانيه صيغة مبالغة، كهمزة لمزة. قال النووي: اتفقوا على أن الأولى أفصح، حتى قال ثعلب: بلغنا أنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم، وبذلك جزم أبو ذر الهروي والقزار، والثانية ضبطت كذلك في رواية الأصيلي. قال أبو بكر بن طلحة: أراد ثعلب أنه صلى الله عليه وسلم كان يستعملها كثيرا لو جاه لفظها ولكونها تعطي معنى للشيئين الآخرين. قال: ويعطي معناها أيضا الأمر باستعمال الحيلة مهما أمكن، ولو مرة، فكانت مع اختصارها كثيرة المعنى إذ المعنى أنها تخدع أهلها من وصف الفاعل باسم المصدر، أو أنها وصف للمفعول، كهذا الدرهم ضرب الأمير، أي: مضروبه. وقال الخطابي: إنها المرة الواحدة، يعني أنه إذا خدع مرة واحدة لم تقل عثرته، ومعنى الضم مع السكون أنها تخدع الرجال، أي: ي محل الخداع، وموضعه ومع فتح الدال، أي: تمنيهم الظفر، ولا تفي لهم، كالضحكة إذا كان يضحك بالناس، وقيل: الحكمة في الإتيان بالتاء، الدلالة على الوحدة، فإن الخداع أن كان من المسلمين، فكأنه حضهم على ذلك، ولو مرة واحدة، وإن كان من الكفار، فكأنه حذرهم من مكرهم، ولو وقع مرة واحدة، فلا ينبغي