وحكى المنذري لغة رابعة بالفتح فيهما، قال: وهو جمع خادع، أي: إن أهلها بهذه الصفة، فكأنه قال أهل الحرب خدعة. وحكى مكي، ومحمد بن عبد الواحد لغة خامسة كسر أوله مع الإسكان، وأصل الخدع أبطأن أمر وإظهار خلافه، وفيه التحريض على أخذ الحذر في الحرب والندب إلى خداع الكفار، وإن لم يتيقظ لذلك لم يأمن أن ينعكس الأمر عليه. قال النووي: اتفقوا على جواز خداع الكفار في الحرب، كيفما أمكن إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يجوز. قال ابن العربي: ويقع الخداع بالتعريض وبالكمين ونحو ذلك، وفي الحديث الإشارة إلى استعمال الرأي في الحرب، بل الاحتياج إليه آكد من الشجاعة، ولذا اقتصر على ما يشير إليه بهذا الحديث، وهو كقوله: الحج عرفة. قال ابن المنير: معنى الحرب خدعة، أن الحرب الجيدة لصاحبها، الكاملة في مقصودها إنما هي المخادعة، لا المواجهة، وذلك لخطر المواجهة، وحصول الظفر مع المخادعة بغير خطر. وذكر الواقدي أن أول ما قال صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة في غزوة الخندق انتهى من الفتح، وهو صريح في أن الرواية إنما هي بالثلاثة، الأولى لتصريحه بلغة رابعة لغة خامسة، وتبعه المصنف. وفي القاموس: أنه روي أيضا بكسر الخاء وسكون الدال، ويوافقه قول السيوطي في التوشيح بفتح الخاء وضمها، وكسرها وسكون الدال، أمر باستعمال الحيلة فيه ما أمكن. "فاختلفت كلمتهم" وذلك أن نعيما أتاه صلى الله عليه وسلم فقال: إني أسلمت وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني بما شئت، فقال: "إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا إن استطعت، فإن الحرب خدعة" فخرج حتى أتى بني قريظة، وكان لهم نديما، فقال: قد عرفتم ودي وإياكم، وخاصة ما بيني وبينكم، قالوا: صدقت لست عندنا بمتهم، فقال لهم: إن قريشا وغطفان ليسا كأنتم، البلد بلدكم به أموالكم، وأبناؤكم، ونساؤكم لا تقدرون أن تحولوا منه إلى غيره، وأنهم جاءوا لحرب محمد وأصحابه، وقد ظاهرتموهم عليه وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره، فإن رأوا نهزة أصابوها، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم، وخلوا بينكم وبينه ببلدكم، ولا طاقة لكم به إن خلا بكم، فلا تقاتلوا معهم حتى تأخذوا منهم رهنا من أشرافهم، يكونون بأيديكم ثقة لكم على أن تقاتلوا معهم محمدا حتى تناجزوه، فقالوا: لقد أشرت بالرأي، ثم أتى قريشا، فقال لأبي سفيان ومن معه: قد عرفتم ودي لكم وفراقي محمدا، وإنه قد بلغني أمر رأيت حقا علي أن أبلغكموه نصحا لكم،