للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الحاكم عن حذيفة قال: لقد رأيتنا ليلة الأحزاب


فاكتموه عني، قالوا: نفعل، قال: إن يهود ندموا على ما صنعوا، وأرسلوا إلى محمد إنا قد ندمنا على ما فعلنا، أيرضيك أن نأخذ من أشراف قريش وغطفان رجالا تضرب أعناقهم، ثم نكون معك على من بقي منهم حتى نستأصلهم، فأرسل إليهم نعم، فإن بعثت إليكم يهود يلتمسون منكم رهنا، فلا تدفعوا إليهم رجلا واحدا، ثم أتى غطفان فقال: إنكم أصلي وعشيرتي وأحب الناس إلي، ولا أراكم تتهموني، قالوا: صدقت ما أنت عندنا بمتهم، قال: فاكتموا عني، قالوا: نفعل، فقال لهم مثل ما قال لقريش، وكان من صنع الله لرسوله أن أبا سفيان ورءوس غطفان أرسولوا إلى بني قريظة عكرمة في نفر من القبيلتين، فقالوا: إنا لسنا بدار مقام وقد هلك الخف والحافر، فأعدوا للقتال حتى نناجز محمدا ونفرغ مما بيننا وبينه، فأرسلوا إليهم أن اليوم يوم السبت لا نعمل فيه شيئا، وكان قد أحدث فيه بعضنا حدثا، فأصابه ما لم يخف عليكم، ولسنا مع ذلك بمقاتلين معكم حتى تعطونا رهنا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمدًا، فإنا نخشى إن اشتد عليكم القتال، أن ترجعوا إلى بلادكم وتتركونا والرجل في بلادنا ولا طلاقة لنا به، فقالت قريش وغطفان: والله إن الذي حدثكم نعيم به لحق، فأرسلوا إليهم إناوالله لا ندفع إليكم جلا واحدا، فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا، فقالت قريظة: إن الذي ذكر لكم نعيم لحق، فأرسلوا إليهم إنا والله لا نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا، فأبوا عليهم وخذل الله بينهم، وبعث الله عليهم الريح في ليال شديدة البرد، فأكفأت قدورهم وطرحت أبنيتهم، ذكره ابن إسحاق في رواية ابن هشام عن البكائي عنه، ولخصه الحافظ في الفتح بأوجز عبارة، وقال بعده ما لفظه.
قال ابن إسحاق: حدثني يزيد بن رومان، عن عروة عن عائشة: أن نعيما كان رجلا نمويا، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إن اليهود قد بعثت إلي، إن كان يرضيك أنا نأخذ من قريش وغطفان رهنا نبعثهم إليك فتقتلهم فعلنا، فرجع نعيم مسرعا إلى قومه فأخبرهم، فقالوا: والله ما كذب محمد عليهم وإنهم لأهل غدر، وكذا قال لقريش، فكان ذلك سبب خذلانهم ورحيلهم ا. هـ.
"وروى الحاكم عن حذيفة" بن اليمان الصحابي ابن الصحابي "قال: لقد رأيتنا ليلة الأحزاب" أي: الليلة التي اشتد علينا الأمر فيها من ليالي الأحزاب، وهي الليلة التي كانت بعد المحاصرة الشديدة، وذلك كما ذكر ابن سعد وغيره، أنه لما طال المقام على قريش، وقتل عمرو، وانهزم من معه اتعدوا أن يفدوا جميعا، ولا يتخلف منهم أحد، فباتوا يعبون أصحابهم، ثم وافوا الخندق قبل طلوع الشمس وعبى صلى الله عليه وسلم أصحابه، وجمعهم على القتال، ووعدهم النصر إن صبروا، والمشركون قد جمعوا المسلمين في مثل الحصن من كتائبهم، فأحدقوا بكل وجه من الخندق، ووجهوا على خيمته صلى الله عليه وسلم كتيبة عظيمة غليظة فيها خالد بن الوليد، فقاتلوهم يومهم

<<  <  ج: ص:  >  >>