للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو سفيان ومن معه من فوقنا، وقريظة أسفل منا نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا ليلة أشد ظلمة ولا ريحا منها، فجعل المنافقون يستأذنون ويقولون بيوتنا عورة، فمر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأن جاث على ركبتي


ذلك إلى هوى من الليل ما يقدر صلى الله عليه وسلم ولا أحد من المسلمين أن ينزلوا من مواضعهم، ولا على صلاة ظهر ولا عصر ولا مغرب ولا عشاء، فجعل الصحابة يقولون: ما صلينا، فيقول صلى الله عليه وسلم: "ما صليت" حتى كشفهم الله، فرجعوا متفرقين، ورجع كل فريق إلى منزله، وأقام أسيد بن حضير في مائتين على شفير الخندق فكرت خيل المشركين، وعليها خالد يطلبون غرة فناوشوهم ساعة، فزرق وحشي بن حرب الطفيل بن النعمان، وقيل: فيه الطفيل بن مالك بن النعمان من بني سلمة بمزراقه، فقتله وانكشفوا وسار صلى الله عليه وسلم إلى قبته، فأمر بلالا فأذن، وأقام فصلى الظهر، ثم أقام لكل صلاة إقامة فصلوا ما فاتهم، وقال: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا، ولم يكن بعد قتال حتى انصرفوا، لكنهم لا يدعون الطلائع بالليل يطمعون في الغارة "وأبو سفيان ومن معه من فوقنا" أي: من فوق الوادي من قبل المشرق، "وقريظة أسف منا" من بطن الوادي من قبل المغرب، وهذا خلاف ما مر عن ابن عباس أن الذين من فوقهم غطفان، ومن أسفل منهم قريش، رواه ابن مردويه، وبه جزم البغوي وغيره، وزادوا وانضم إلى غطفان بنو قريظة والنضير، ويحتمل الجمع بأن قريشا كانت تأتي تارة من فوق وغطفان من أسفل، وتارة على العكس من ذلك، ثم لعل معنى كون قريظة مع المشركين، أي: في جهتهم منحازين في جانب لأنفسهم ممتنعين من الزحف معهم عليه صلى الله عليه وسلم، فلا ينافي أيضا حديث نعيم من امتناعهم من القتال، وفيه بعد لأن ظاهر حديث نعيم أنهم لم يخرجوا من ديارهم، فلعل معنى قوله وقريظة أسفل منا وهم في ديارهم، ويؤيده أو يعينه قوله: "نخافهم على ذرارينا وما أتت علينا ليلة أشد ظلمة ولا ريحا منها،" لا ينافي هذا قوله في بقية ذا الحديث، فإذا الريح فيه، أي: عسكر المشركين لا يجاوز شبرا؛ لأن شدة هذه بالنسبة للعادة، والآتية هي التي هتكت قبابهم وأطفأت نيرانهم، "فجعل المنافقون يسأذنون" النبي، "ويقولون: بيوتنا عورة" أي: غير حصينة.
وفي رواية البيهقي: فما يستأذن أحد منهم إلا أذن له فيتسللون.
وفي رواية له أيضا: أن رجلا قال لحذيفة: أدركتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ندركه، قال: يابن أخي والله لا تدري لو أدركته كيف تكون، لقد رأيتنا ليلة الخندق في ليلة باردة مطيرة، فقال صلى الله عليه وسلم: "من يذهب فيعلم لنا علم القوم، جعله الله رفيق إبراهيم يوم القيامة، فوالله ما قام أحد" فقال الثانية: " جعله الله رفيقي" فلم يقم أحد، فقال أبو بكر: ابعث حذيفة، "فمر بي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا جاث على ركبتي" من شدة البرد والجوع والخوف، ولابن إسحاق: فدعاني فلم

<<  <  ج: ص:  >  >>