وخص الدعاء عليهم بالهزيمة والزلزلة دون الهلاك؛ لأن في الهزيمة سلامة نفوسهم، وقد يكون ذلك رجاء أن يتوبوا من الشرك ويدخلوا في الإسلام والإهلاك مفوت لهذا المقصد الصحيح. "وروى أحمد عن أبي سعيد" سعد بن مالك بن سنان الخدري، الصحابي، ابن الصحابي، "قال: قلنا يوم الخندق: يا رسول الله هل من شيء نقوله، فقد بلغت القلوب الحناجر" جمع حنجرة، وهي مجرى النفس. قال قتادة: شخصت مكانها، فلولا أنه ضاق الحلقوم عنها لخرجت، رواه ابن أبي حاتم، وقد قيل: إذا انتفخت الرئة من شدة الفزع والغضب، أو الغم الشديد ربت، وارتفع القلب بارتفاعها إلى رأس الحنجرة، وقيل: هو تمثيل عن شدة الخوف، وعليه السهيلي. قال في الروض فيه: أن التكلم بالمجاز مبالغة حتى إذا فهمه المخاطب، فإن القلب لو انتقل إلى الحنجرة لمات صاحبه، فحالهم فيما بلغهم من الخوف وضيق الصدر، كمثل المنخلع قلبه من موضعه، ومثله جدارا يريد أن ينقض، أي: مثله كمثل من يريد الفعل، ويهم به فهو من مجاز التشبيه، وقيل: هو على حذف مضا، تقديره بلغ وجيف القلوب الحناجر ا. هـ، "فقال: "نعم"، قولوا: اللهم استر عوراتنا"" أي: خللنا، أي: عيوبنا، وتقصيرنا وما يسوءها إظهاره، "وآمن" بمد الهمزة وكسر المبهم مخففة، ويجوز القصر والتثقيل "روعاتنا" خوفنا وفزعنا من الروع بالفتح الفزع، وفيه من أنواع البديع جناس القلب، وإيقاع الأمن على الروع مجاز من إطلاق اسم المحل، وهو القلب على الحال فيه وهو الروع، وبهذا وافق قوله تعالى: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: ٤] ، قوله: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} [النور: ٥٥] ، حيث أوقع الأمن على الذوات. "قال: فضرب الله وجوه أعدائنا بالريح، فهزمهم بالريح" وكفى الله المؤمنين القتال، فانصرف الكفار خائبين خائفين، حتى إن عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد أقاما في مائتي