وذكر في بقيته ارتحالهم وغلبة الريح عليهم، وأنه عاد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولقيه الفوارس في نحو نصف الطريق، فلما وصل عاد له البرد ووجده صلى الله عليه وسلم يصلي، فأومأ إليه بيده فدنا منه، فسدل عليه من فضل شملته، قال: فأخبرته الخبر وإني تركتهم يترحلون، فلم أزل نائما حتى الصبح، فلما أصبحت، قال صلى الله عليه وسلم: "قم يا نومان". "وفي البخاري" في الجهاد، والمغازي، والتوحيد والدعوات، ومسلم في المغازي، والترمذي وابن ماجه في الجهاد والنسائي في السير كلهم "من حديث" الصحابي ابن الصحابي "عبد الله بن أبي أوفى" بفتح الهمزة والفاء بينهما واو ساكنة، كما ضبطه الكرماني وغيره، واسمه علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمي، شهد عبد الله الحديبية، وعمر دهرا، ومات سنة سبع وثمانين، وهو آخر من مات بالكوفة من الصحابة. "قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأحزاب". وفي رواية أحمد وابن سعد عن جابر، أنه صلى الله عليه وسلم أتى مسجد الأحزاب يوم الاثنين ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء بين الظهر والعصر، فوضع رداءه، فقام فرفع يديه يدعو عليهم، فرأينا البشر في وجهه. وفي رواية أبي نعيم: انتظر حتى زالت الشمس، ثم قام، فقال: "يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإن لقيتم العدو فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف"، ثم دعا "فقال: "اللهم" أي: يا الله، يا "منزل الكتاب" القرءان. قال الطيبي: لعل تخصيص هذا الوصف بهذا المقام تلويح إلى معنى الانتصار في قوله تعالى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف: ٩] ، وأمثال ذلك يا "سريع الحساب". قال الكرماني: إما أن يريد به سريع حسابه، بمجيء وقته، وإما أنه سريع في الحساب،