للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عاصم بن ثابت وأصحابه وجدا شديدا، فأظهر أنه يريد الشام، وعسكر في مائتي رجل ومعهم عشرون فرسا, واستخلف على المدينة عبد الله ابن أم مكتوم.

ثم أسرع السير حتى انتهى إلى بطن غران -واد بين أمج وعسفان، وبينها وبين عسفان خمسة أميال- حيث كان مصاب أصحابه أهل الرجيع الذين قتلوا ببئر معونة، فترحم عليهم ودعا لهم.

فسمعت بنو لحيان فهربوا في رءوس الجبال، فلم يقدر منهم على أحد، فأقام يوما أو يومين يبعث السرايا


"وجد" حزن "رسول الله صلى الله عليه وسلم على عاصم بن ثابت وأصحابه،" وكانوا عشرة، أو سبعة على ما مر، وأراد بأصحابه ما يشمل المقتولين ببئر معونة، وهم القراء السبعون؛ لأن عاصما، وأصحابه لم يقتلوا بها، بل كانوا سرية وحدهم، "وجدا شديدا" حزنا قويا، "فأظهر أنه يريد الشام" ليصيب من القوم غرة "وعسكر،" أي: خرج، "في مائتي رجل ومعهم عشرون فرسا، واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم"، فيما قال ابن هشام.
قال ابن إسحاق: فسلك على غراب، أي: بلفظ الطائر جبل بناحية المدينة، ثم على طريقه إلى الشام، ثم على محيص بفتح الميم، وكسر الحاء والصاد المهملتين، ثم على البتراء تأنيث أبتر، ثم صفق بشد الفاء، عدل ذات اليسار، فخرج على بين بفتح التحتية الأولى، وسكون الثانية ونون، وضبطه الصغاني بفتحهما، واد بالمدينة، ثم على صخيرات الثمام، جمع صخيرة مصغرة بمثلثة، وقيل: فوقية، ثم استقام به الطريق على المحجة من طريق مكة.
"ثم أسرع السير حتى انتهى إلى بطن غران" بضم المعجمة، وخفة الراء فنون، "واد" يقال له وادي الأزرق "بين أمج" بفتحتين وجيم، "وعسفان" بضم العين "وبينها" أي: بطن غران، "وبين عسفان خمسة أميال".
قال ابن إسحاق: وهي منازل بني لحيان، "حيث كان مصاب" مصدر ميمي، أي: إصابة "أصحابه أهل الرجيع الذين قتلوا ببئر معونة"، مر أن بعث الرجيع غير بئر معونة، خلافا لما توهمه ترجمة البخاري، والاعتذار عنه، بأنه أدمجهما لقربهما لمجيء خبرهما للمصطفى في ليلة واحة "فترحم عليهم، ودعا لهم" بالمغفرة "فسمعت بنو لحيان، فهربوا في رءوس الجبال" رعبا وخوفا ممن نصر بالرعب، "فلم يقدر منهم على أحد، فأقام يوما أو يومين، يبعث السرايا

<<  <  ج: ص:  >  >>