قال أبو ذر: عجبا لي يقول لي ذلك وأنا ألح عليه، فكان والله ما قال، فلما كان الليل أحدق بنا عيينة مع أصحابه، فأشرف لهم ابني فقتلوه، وكانت معه امرأته، وثلاثة نفر، فنجوا وتنحيت عنهم، وعليه فكان معهم امرأتان، فنجت امرأة ابنه الذي قتل، وأسرت امرأته هو والعلم عند الله، "فركبت" امرأة أبي ذر المذكورة بعد قفوله صلى الله عليه وسلم من هذه الغزوة، كما فصله ابن إسحاق "ناقة للنبي صلى الله عليه وسلم" هي العضباء "ليلا على حين غفلتهم". فروى مسلم وأبو داود، وغيرهما عن عمران بن حصين: أنهم أوثقوا المرأة، وكانوا يريحون نعمهم بين يدي بيوتهم، فانفلتت ذات ليلة من الوثاق، فأتت الإبل، فإذا دنت من البعير رغا، فتتركه حتى انتهت إلى العضباء، فلم ترغ فقعدت في عجزها ثم زجرتها، فانطلقت وعلموا بها، فطلبوها، فأعجزتهم "ونذرت" بفتح النون والمعجمة، "لئن نجت لتنحرنها، فلما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته بذلك، فقال:" في رواية ابن إسحاق من مرسل الحسن قالت: يا رسول الله إني نذرت لله أن أنحرها، إن نجاني الله عليها، فتبسم الله صلى الله عليه وسلم، وقال: "بئسما جزيتيها إن حملك الله عليها، ونجاك أتنحريها" "إنه لا نذر في معصية، ولا لأحد فيما لا يملك"، إنما هي ناقة من إبلي، ارجعي إلى أهلك على بركة الله". وفي حديث عمران: فلما قدمت المدينة رآها الناس، فقالوا: العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمران: إنها نذرت إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فذكروا ذلك له صلى الله عليه وسلم فقال: "سبحان الله، بئسما جزتها نذرت إن نجاها الله لتنحرنها، لا وفاء لنذر في معصية، ولا فيما لا يملك ابن آدم "، وكونهم أخبروه بذلك، لا ينافي أنها أخبرته أيضا، وأجاب كلا بما ذكر، كما هو مفاد الخبرين فلا خلف، "فنودي" ليس تعقيبا لقصة المرأة، حتى يفيد أن الخبر ما بلغ المصطفى إلا منها، كما يوهمه المصنف، بل هو راجع لكلام ابن سعد الذي فصله بكلام ابن إسحاق هذا، ولفظه عقب قوله: وقتلوا ابن أبي ذر، وجاء الصريخ فنادى الفزع الفزع، ونودي: "يا خيل الله اركبي،" هو من ألطف المجازات وأبدعها. قال العسكري: هذا على المجاز والتوسع، أراد يا فرسان خيل الله، فاختصر لعلم المخاطبين بما أراد. ا. هـ، ولم يقل: اركبوا مراعاة للفظ خيل، "وكان أول ما نودي بها" قاله ابن