للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وركب صلى الله عليه وسلم في خمسمائة وقيل: سبعمائة، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وخلف سعد بن عبادة في ثلاثمائة يحرسون المدينة.

وكان قد عقد للمقداد بن عمرو لواء في رمحه، وقال له امض حتى تلحقك الخيول، وأنا على أثرك، فأدرك أخريات العدو


سعد، وانتقده اليعمري بما مر عن ابن عائذ، من مرسل قتادة أنه نودي: يا خيل الله اركبي في قريظة، وهي قبل هذه، وأجيب بأن هذا مبني على أن قريظة بعدها، والمصنفون إذا بني كلامهم على قول في موضع، وفي آخر على خلافه لا يعد تناقضا، ومتى أمكن حمله عليه فعل.
وفي البخاري، ومسلم عن سلمة: خرجت قبل أن يؤذن بالأولى، وكان لقاح رسول الله ترعى بذي قرد، فلقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف، فقال: أخذت لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: من أخذها؟ قال: غطفان وفزارة، فصرخت ثلاث صرخات: يا صباحاه، يا صباحاه، فأسمعت ما بين لابتي المدينة الحديث.
قال الحافظ: فيه إشعار أنه كان واسع الصوت جدا، ويحتمل أن يكون ذلك وقع من خوارق العادات.
وللطبراني وابن إسحاق، فأشرفت من سلع، ثم صح: يا صباحاه، فانتهى صياحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنودي في الناس: الفزع الفزع، فترامت الخيول إليه، فكان أول من انتهى إليه فارسا المقداد، ثم عباد بن بشر وسعد بن زيد وأسيد بن حضير، وعكاشة ومحرز بن نضلة وأبو قتادة وأبو عياش، فأمر صلى الله عليه وسلم عليهم سعد بن زيد، ثم قال: "اخرج في طلب القوم حتى ألحقك في الناس"، "وركب صلى الله عليه وسلم في خمسمائة، وقيل: سبعمائة" حكاهما ابن سعد، "واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم" عبد الله، أو عمرو، "وخلف سعد بن عبادة في ثلاثمائة يحرسون الدينة، وكان قد عقد لمقداد بن عمرو" المعروف بابن الأسود؛ لأنه تبناه، وكان أول من أقبل إليه، وعليه الدرع والمغفر شاهرا سيفه، فعقد له "لواء في رمحه، وقال له: "امض حتى تلحقك الخيول، وأنا على أثرك، فأدرك أخريات العدو".
ومن هنا اختلف في أنه الأمير، أو سعد بن زيد، ويجمع بأن الأمير سعد، وحامل اللواء المقداد فمن قال: إنه الأمير، نظر إلى حمله اللواء، وإن كان الواقع أنه سعد، ولذا قال ابن سعد وشيخه الواقدي الثبت عندنا أن سعدا أمير هذه السرية، ولكن الناس نسبوها للمقداد لقول حسان غداة فوارس المقداد، فعاتبه سعد، فقال اضطرني الروي والبيت هو:
ولسر أولاد اللقيطة أننا ... سلم غداة فوارس المقداد
ذكره إسحاق في قصيدة وأن حسان لما قالها غضب سعد، وحلف أن لا يكلمه أبدا،

<<  <  ج: ص:  >  >>