للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانطلقت إلى أصحابي فقلت: النجاء، فقد قتل الله أبا رافع.

فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال: "ابسط رجلك". فمسحها، فكأنما لم أشتكها قط


قال ابن التين: هي لغة، والمعروف أنعو، والنعي خبر الموت، وذكر الأصمعي أن العرب كانوا إذا مات فيهم الكبير، ركب راكب فرسا، وسار فقال: أنعي فلانا انتهى.
وعند ابن إسحاق قال: فقلنا: كيف لنا بأن نعلم أن عدو الله قد مات، فقال: رجل منا قال الواقدي: هو الأسود بن خزاعي، أنا أذهب فأنظر حتى دخل في الناس، فوجدتها، أي امرأته، ورجال يهود حوله، وفي يده المصباح، تنظر في وجهه، وتحدثهم، وتقول: أما والله لقد سمعت صوت ابن عتيك، ثم كذبت نفسي، وقلت: أتى ابن عتيك بهذه البلاد، ثم نظرت في وجهه، وقالت فاظ وإله يهود، فما سمعت من كلمة، كانت ألذ في نفسي منها، ثم جاءنا فأخبرنا الخبر، وفاظ بفاء، فألف فمعجمة مشالة: مات.
"فانطلقت إلى أصحابي، فقلت النجاء" قال الحافظ: بالنصب، أي أسرعوا، وقال المصنف: مهموز ممدود منصوب مفعول مطلق، والمد أشهر، إذا أفرد، فإن كرر قصر، أي: أسرعوا، "فقد قتل الله أبا رافع".
وفي رواية يوسف عقب قوله: فعصبتها، ثم أتيت أصحابي أحجل، فقلت: انطلقوا، فبشروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني لا أبرح حتى أسمع الناعية، فلما كان وجه الصبح، صعد الناعية، فقال: أنعي أبا رافع، فقمت أمشي ما بي قلبة، فأدركت أصحابي قبل أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فبشرته، وهذ ظاهره التعرض مع قوله "فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته" بما وقع، فقال: "ابسط رجلك" , أسقط المصنف قوله: فبسطت رجلي، "فمسحها" بيده المباركة، "فكأنما" بما زائدة في رواية أبي الوقت، وأبي ذر ولغيرهما، فكأنها بالهاء، أي فكأن رجلي "لم أشتكها قط"، أي: لم أشتك منها، فحذف الجار، فهذا مخالف لقوله: ما بي قلبة بفتح القاف واللام والموحدة، أي علة أنقلب بها.
قال الحافظ: فيحمل على أنه، لما سقط من الدرجة، وقع له جميع ما تقدم، لكنه من شدة ما كان فيه من الاهتمام بالأمر، ما أحس بالألم، وأعين على المشي أولا، وعليه يدل قوله: ما بي قلبة، ثم لما تمادى عليه المشي، أحس بالألم، فحمله أصحابه، كما وقع في رواية ابن إسحاق، ثم لما أتاه صلى الله عليه وسلم فزال عنه جميع الألم ببركته.
وفي حديث عبد الله بن أنيس عند الحاكم: وتوجهنا من خيبر، فكنا نكمن النهار، ونسير الليل، وإذا كمنا، أقعدنا منا واحدًا يحرسنا، فإذا رأى ما يخافه، أشار إلينا، فلما قربنا من المدينة

<<  <  ج: ص:  >  >>