وروى ابن منده عند عتيك، قال: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن قتل ابن أبي الحقيق، وهو على المنبر فلما رآنا قال: "أفلحت الوجوه". وفي هذا الحديث من الفوائد جواز اغتيال المشرك الذي بلغته الدعوة، وأصر، وقتل من أعان عليه صلى الله عليه وسلم، بيده أو ماله، أو لسانه، وجواز التجسس على أهل الحرب، وتطلب غرتهم والأخذ بالشدة في محاربتهم، وإيهام القول للمصلحة، وتعرض القليل من المسلمين لكثير من المشركين، والحكم بالدليل والعلامة لاستدلال ابن عتيك على أبي رافع بصوته، واعتماده على صوت الناعي بموته. "هذا لفظ" مقصوده من "رواية البخاري" وإلا فقد علمت أنه أسقط منه ألفاظا، "و" وقع "في رواية محمد بن سعد"، الحافظ المشهور، "أن الذي قتل عبد الله بن أنيس" وكذا وقع في رواية ابن إسحاق عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، مرسلا فلما ضربناه بأسيافنا، تحامل عليه عبد الله بن أنيس في بطنه، حتى أنفذه وهو يقول: قطني قطني أي حسبي حسبي الحديث, وفي فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرناه بقتل عدو الله، واختلفنا عنده في قتله كلنا يدعيه فقال صلى الله عليه وسلم: "هاتوا أسيافكم". فجئناه به، فنظر إليها فقال لسيف عبد الله بن أنيس: "هذا قتله أرى فيه أثر الطعام"، ومعلوم أن المرسل لا يعادل الصحيح المسند. "و" لذا كان "الصواب أن الذي دخل عليه وقتله عبد الله بن عتيك وحده، كما في البخاري". وعند ابن إسحاق، فقال حسن يذكر قتله، وقتل كعب بن الأشرف: لله در عصابة لاقيتهم ... يابن الحقيق وأنت يابن الأشرف يسرون بالبيض الخفاف إليكم ... مرحا كأسد في عرين معرف حتى أتوكم في محل بلادكم ... فسقوكم حتفا ببيض ذفف مستنصرين لنصر دين نبيهم ... مستصغرين لكل أمر مجحف