للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمرهم أن يخرجوا فيه فيشربوا من ألبانها وأبوالها.

فانطلقوا حتى إذا كانوا ناحية الحرة، كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم


بذلك البخاري في المحاربين، فقال: إلا أن تلحقوا بإبل رسول الله صلى الله عليه وسلم, وله فيه أيضا وفي الزكاة: فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة.
قال الحافظ: والجمع بينهما أن إبل الصدقة كانت ترعى خارج المدينة وصادف بعثه صلى الله عليه وسلم بلقاحه إلى المرعى طلب هؤلاء الخروج إلى الصحراء لشرب الألبان فأمرهم بالخروج مع راعيه، فخرجوا معه إلى الإبل، ففعلوا ما فعلوا، وظهر بذلك مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: "إن المدينة تنفي خبثها".
"وأمرهم أن يخرجوا فيه،" أي مع الذود لمصادفتهم خروج راعي المصطفى بإبله، فلا تخالف بين الروايات كما علمت، "فيشربوا من ألبانها وأبوالها" أي: الإبل.
وله في الديات: فاشربوا من ألبانها وأبوالها بصيغة الأمر الصريح.
وفي الزكاة: فرخص لهم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا، أي لأنهم أبناء سبيل. وأما لقاح المصطفى فبإذنه، وفيه حجة لمالك وأحمد ومن وافقهما على طهارة بول مأكول اللحم، نصا في الإبل وقياسا وفيه حجة لمالك وأحمد ومن وافقهما على طهارة بول مأكول اللحم، نصا في الإبل وقياسا في غيرها، فإنه لو كان نجسا ما أمرهم بالتداول، به، وقد قال: إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها، رواه أبو داود وغيره، وخالفهم أبو حنيفة والشافعي والجمهور، فذهبوا إلى نجاسة الأبوال كلها، وحملوا الحديث على التداوي، فلا يفيد الإباحة في غير حال الضرورة، وحديث: "إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها". على الاختيار، وإلا فلا حرمة كالميتة للمضطر، وفيه أنه لم يتعين طريقا للدواء.
وقد روى ابن المنذر عن ابن عباس مرفوعا: "إن في أبوال الإبل شفاء للذرية بطونهم، والذرب" بمعجمة، فساد المعدة، فهذا صريح أنه حالة الاختيار وهو يمنع حمل الحديث على ما ذكروه، وبسط الجدال يطول.
"فانطلقوا" زاد في الديات: فشربوا، وفي الطهارة: وصحوا، وفي الجهاد: وسمنوا، وللإسماعيلي، ورجعت ألوانهم، "حتى إذا كانوا ناحية الحرة" بفتح الحاء المهملة وشد الراء أرض ذت حجارة سود بظاهر المدينة كأنها أحرقت بالنار، كانت بها الواقعة المشهورة أيام يزيد بن معاوية، "كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم".
قال الحافظ: لم تختلف روايات البخاري في أن المقتول راعيه عليه السلام، وفي ذكره بالإفراد، وكذا لمسلم لكن عنده من رواية عبد العزيز.

<<  <  ج: ص:  >  >>