للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستاقوا الذود. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فبعث الطلب في آثارهم، فأمر بهم فسمروا أعينهم


وعند ابن حبان من رواية يحيى بن سعيد، كلاهما عن أنس، ثم مالوا على الرعاء، فقتلوهم بصيغة الجمع، فيحتمل أن الإبل رعاة, فقتل بعضهم مع راعي اللقاح، فاقتصر بعض الرواة على راعيه عليه السلام، وذكر بعضهم معه غيره، ويحتمل أن بعض الرواة ذكره بالمعنى، فتجوز في الإتيان بصيغة الجمع وهذا أرجح، لأن أصحاب المغازي لم يذكر أحد منهم أنهم قتلوا غير يسار، "و" ذلك أنهم لما "استاقوا" من السوق، وهو السير العنيف "الذود" أدركهم، فقاتلهم فقتلوه، ومثلوا به "فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم".
وفي الجهاد: فجاء الصريخ بمعجمة فعيل بمعنى فاعل، أي: صرخ بالإعلام بما وقع منهم.
قال الحافظ: ولم أقف على اسمه، والظاهر أنه راعي إبل الصدقة وهو أحد الراعيين، كما في صحيح أبي عوانة، ولفظه: فقتلوا أحد الراعيين، وجاء الآخر قد جزع، فقال: قد قتلوا صاحبي، وذهبوا بالإبل، "فبعث الطلب في آثارهم" أي وراءهم، ويروى أنه قال: "اللهم أعم عليهم الطريق، واجعله عليهم أضيق من مسك جمل"، فعمى الله عليهم السبيل.
وفي الطهارة: فجاء الخبر في أول النهار، فبعث في آثارهم، فلما ارتفع النهار جيء بهم.
وعند الواقدي: فبعث في آثارهم، فغدوا فإذا هم بامرأة تحمل كتف بعير، فسألوها، فقالت: مررت بقوم قد نحروا بعيرا، فأعطوني هذا وهم بتلك المفازة، فساروا، فوجدوهم، فأسروهم، فلم يفلت منهم إنسان، فربطوهم وأردفوهم على الخيل حتى قدموا المدينة، "فأمر بهم" صلى الله عليه وسلم "فسمروا أعينهم" بخفة الميم، ولأبي ذر بشدها.
قال المنذري: والأول أشهر وأوجه.
قال الحافظ: لم تختلف روايات البخاري في أنه بالراء، ووقع لمسلم من رواية عبد العزيز عن أنس وسمل بالتخفيف واللام.
قال الخطابي: السمل فقء العين بأي شيء كان.
قال أبو ذؤيب الهذلي:
والعين بعدهم كان حداقها ... سملت بشوك فهي عورا تدمع
قال: والسمر لغة في السمل ومخرجهما متقارب، وقد يكون من المسمار يريد أنهم كحلوا بأميال قد أحميت. قلت: قد وقع التصريح بالمراد عند البخاري في الجهاد، وفي المحاربين، ولفظه: ثم أمر بمسامير، فأحميت فكحلهم بها، فهذا يوضح ما تقدم، ولا يخالف رواية اللام، لأنه فقء العين بأي شيء كان.

<<  <  ج: ص:  >  >>