وعند ابن إسحاق فقال صلى الله عليه وسلم: "واسلكوا ذات اليمين بين ظهري الحمض" بفتح الحاء المهملة وإسكان الميم وبالضاد المعجمة اسم موضع من طريق تخرجه على ثنية المرار بكسر الميم وخفة الراء مهبط الحديبية من أسفل مكة، فسلك الجيس ذلك الطريق فلما رأت خيل قريش قترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم، ركضوا راجعين إلى قريش وهو معنى قوله "فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة" أي حتى فاجأهم قترة "الجيش" بفتح القاف والفوقية قال المصنف وسكنها في الفرع أي غبار الجيش الأسود، وكذا قيد به الحافظ وتبعه المصنف، وفي القاموس القتر والقترة محركتين والقترة بالفتح الغبرة انتهى. فلم يقيد وهو صريح في أن القتر ليس جمعا وفي النورانة جمع قترة، "فانطلق" خالد حال كونه "يركض" يضرب برجله دابته استعجالا للسير حال كونه "نذيرا" منذرا "لقريش" بمجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم وظاهر هذا الحديث الصحيح أنه بمجرد رؤيته انطلق نذيرا. وعند ابن سعد وغيره أن خالدا دنا في خيله حتى نظر المصطفى والصحابة وصف خيله بينهم وبين القبلة فأمر صلى الله عليه وسلم عباد بن بشر فتقدم في خيله، فقام بإزائه فصف أصحابه وحانت الظهر فصلاها بهم صلى الله عليه وسلم فقال خالد: قد كانوا على غرة لو حملنا عليهم أصبنا منهم، ولكن تأتي الساعة صلاة أخرى هي أحب إليهم من أنفسهم وأبنائهم فنزل جبرل بين الظهر والعصر بقوله: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} الآية, فحانت العصر فصلى صلاة الخوف، فإن أردت الترجيح فما في الصحيح أصح أو الجمع أمكن أن انطلاقه بعدما صف أصحابه، ووقف إلى العصر حتى أيس من إصابة المسلمين، "وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية" أي ثنية المرار بكسر الميم وتخفيف الراء، طريق في الجبل تشرف على الحديبية، وزعم الدوادي أنها الثنية التي بأسفل مكة وهو وهم قاله الفتح "التي يهبط" بضم أوله، وفتح ثالثه مبنيا للمفعول "عليهم" أي قريش "منها بركت" به عليه السلام "راحلته" ناقته القصواء "فقال الناس حل حل" بفتح الحاء، وسكون اللام فيهما كلمة تقال للناقة إذا تركت السير. وقال الخطابي: إن قلت حل واحدة، فبالسكون وإن أعدتها تؤنث الأولى، وسكنت الثانية، وحكى غيره السكون فيهما والتنوين، كنظيره في بخ بخ. يقال: حلحلت فلانا إذا أزعجته عن موضعه, ذكره الحافظ.