للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فألحت -يعني تمادت على عدم القيام- فقالوا: خلأت القصواء خلأت القصواء. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل".

أي حبسها الله عن دخول مكة كما حبس الفيل عن دخولها، ومناسبة ذلك أن الصحابة لو دخلوا مكة على تلك الصورة، وصدتهم قريش لوقع بينهم القتال المفضي إلى سفك الدماء ونهب الأموال، كما لو قدر دخول الفيل، لكن سبق في علم الله أنه سيدخل في الإسلام منهم خلق، ويستخرج من أصلابهم ناس يسلمون ويجاهدون. انتهى.


قال المصنف: لكن الرواية بالسكون فيها. انتهى.
"فألحت" بفتح الهمزة وتشديد الحاء المهملة من الإلحاح. قال المصنف تبعا للفتح يعني تمادت على عدم القيام"، فلم تبرح من مكانها، فليس التفسير مدرجا في الحديث.
"فقالوا: خلأت" بخاء معجمة، ولام وهمزة مفتوحات، أي حرنت وبركت من غير علة "القصواء" بفتح القاف وسكون المهملة وفتح الواو مهموز اسم ناقته صلى الله عليه وسلم "خلأت القصواء" مرتين قيل كان طرف أذنها مقطوعا والقصور قطع طرف الأذن يقال بعير أقصى وناقة قصواء، وكان القياس القصر، كما في بعض نسخ أبي ذر، وزعم الداودي أنها كانت لا تسبق، فقيل لها: القصواء، لأنها بلغت من السبق أقصاه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "ما خلأت القصواء" قال الحافظ الخلاء بالمعجمة والمد للإبل كالحران للخيل، وقال ابن قتيبة لا يكون الخلاء إلا للنوق خاصة، وقال ابن فارس: لا يقال للجمل خلأ لكن ألح "وما ذاك لها بخلق" بضم الخاء المعجمة واللام أي ليس إخلاؤها بعادة كما حسبتم "ولكن حبسها" أي القصواء "حابس الفيل".
زاد ابن إسحاق عن مكة "أي حبسها الله" عز وجل "عن دخول مكة، كما حبس الفيل عن دخولها، ومناسبة ذلك" أي التشبيه بقصة الفيل، كما قال الحافظ: "أن الصحابة لو دخلوا مكة على تلك الصورة، وصدتهم قريش لوقع بينهم القتال المفضي إلى سفك الدماء ونهب الأموال، كما لو قدر دخول الفيل" وأصحابه "لكن سبق في علم الله" في الموضعين "أنه سيدخل في الإسلام خلق منهم، ويستخرج من أصلابهم ناس يسلمون ويجاهدون" وكان بمكة في الحديبية جمع كثير مؤمنون من المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، فلو طرق الصحابة مكة لما أمن أن يصاب منهم ناس بغير عمد، كما أشار إليه في قوله تعالى: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُون} الآية, "انتهى".

<<  <  ج: ص:  >  >>