للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم زجرها فوثبت. قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء -يعني حفرة فيها ماء قليل- يتربضه الناس تبرضا -أي يأخذونه قليلا قليلا- فلم يلبثه الناس


حرمة الحرم والشهر والإحرام قال الحافظ: وفي الثالث نظر لأنهم لو عظموا الإحرام لما صدره قال السهيلي: لم يقع في شيء من طرق الحديث أنه قال: إن شاء الله مع أنه مأمور بها في كل حالة، وأجاب بأنه كان أمرا واجبا حتما فلا يحتاج فيه إلى الاستثناء، وتعقب بأنه تعالى قال في هذه القصة {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: ٢٧] .
فقال: إن شاء الله مع تحقق وقوع ذلك تعليما وإرشادا، فالأولى أن يحمل على أن الاستثناء سقط من الراوي أو كانت القصة قبل نزول الأمر بذلك، ولا يعارضه أن الكهف مكية إذ لا مانع أن يتأخر نزول بعض السورة، كذا في الفتح، والجوابان اللذان "قال إنهما الأولى مذكوران في الروض عن غيره، وسلمهما البرهان فقال: ما قاله حسن مليح "ثم زجرها" أي الناقة "فوثبت" بمثلثة آخره فوقية أي: قامت "قال فعدل عنهم" في رواية ابن سعد فولى راجعا "حتى نزل بأقصى الحديبية".
وفي رواية ابن إسحاق، ثم قال للناس: "انزلوا" قالوا: يا رسول الله ما بالوادي ماء ننزل عليه "على ثمد" بفتح المثلثة والميم ودال مهملة "قليل الماء"، وفسره المصنف كغيره بقوله: "يعني حفرة فيها ماء قليل" يقال ماء مثمود أي: قليل فقوله: قليل الماء تأكيد لدفع توهم أن يراد، لغة من يقول الثمد الماء الكثير، وقيل: الثمد ما يظهر من الماء في الشتاء ويذهب في الصيف كذا في الفتح، وعورض بأنه إنما يتوجه إن ثبت لغة أن الثمد الماء الكثير، واعترض الدماميني قوله تأكيد بأنه لو اقتصر على قليل أمكن أم مع إضافته إلى الماء فيشكل، وكذلك إنا نقول هذا ماء قليل الماء نعم.
قال الراوي: في الثمد العين، وقال غيره حفرة فيها ماء فإن صح فلا إشكال "يتبرضه" بتحتية ففوقية فموحدة فراء مشددة فضاد معجمة "الناس تبرضا".
قال المصنف نصب على أنه مفعول مطلق من باب التفعيل للتكلف، "أي يأخذونه قليلا قليلا" قال الحافظ البرض بالفتح والسكون اليسير من العطاء، وقال صاحب العين هو جمع الماء بالكفين، وذكر أبو الأسود عن عروة وسبقت قريش إلى الماء ونزلوا عليه ونزل صلى الله عليه وسلم الحديبية في حر شديد وليس به إلا بئر واحدة، "فلم يلبثه الناس" قال الحافظ بضم أوله وسكون اللام من الإلباث، وقال ابن التين بضم أوله وكسر الموحدة المثقلة أي: لم يتركوه يلبث أي يقيم وقال المصنف: بضم أوله وفتح اللام وشد الموحدة وسكون المثلثة في الفرع، وأصله مصححا عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>