للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى نزحوه، وشكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش، فانتزع سهما من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه.


"حتى نزحوه" بنون فزاي فحاء مهملة أي لم يبقوا منه شيئا.
يقال: نزحت البئر على صيغة واحدة في التعدي واللزوم قال الحافظ: ووقع في شرح ابن التين بفاء بدل الحاء ومعناهما واحد، وهو أخذ الماء شيئا بعد شيء إلى أن يبقى منه شيء، "وشكي" بضم أوله مبني للمفعول "إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش" بالرفع نائب الفاعل، "فانتزع" أخرج "سهما من كنانته" بكسر الكاف جعبته التي فيها النبل، "ثم أمرهم أن يجعلوه فيه" في الثمد. قال الحافظ في المقدمة: روى ابن سعد من طريق أبي مروان حدثني أربعة عشرة رجلا من الصحابة بالأنصار أن الذي نزل البئر ناجية بن الأعجم وقيل: هو ناجية بن جندب وقيل: البراء بن عازب، وقيل: عبادة بن خالد.
حكاه عن الواقدي ووقع في الاستيعاب خالد بن عبادة، وقال في الفتح: يمكن الجمع بأنهم تعاونوا على ذلك بالحفر وغيره، "فوالله ما زال يجيش" بفتح أوله وكسر الجيم آخره معجمة أي يفور "بالري".
قال الحافظ: بكسر الراء ويجوز فتحها "حتى صدروا عنه" أي رجعوا رواء بعد ورودهم.
زاد ابن سعد حتى اغترفوا بآنيتهم جلوسا على شفير البئر، وكذا في رواية أبي الأسود عن عروة وعند ابن إسحاق فجاش بالرواء حتى ضرب الناس عنه بعطن.
وفي حديث البراء عند البخاري أنه صلى الله عليه وسلم جلس على البئر ثم دعا بإناء فمضمض ودعا ثم صبه فيها ثم قال: " دعوها ساعة" فأرووا أنفسهم وركابهم حتى ارتحلوا ويمكن الجمع بأن الأمرين وقعا معا، وقد روى الواقدي عن أوس بن خولي: أنه صلى الله عليه وسلم توضأ في الدلو، ثم أفرغه فيها وانتزع السهم فوضعه فيها، وهكذا ذكر أبو الأسود عن عروة وهذه القصة غير القصة التي في حديث جابر عند الشيخين قال: عطش الناس يوم الحديبية وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ركوة يتوضأ منها، فأقبل الناس نحوه، فقال: "ما لكم" قالوا: يا رسول الله ليس عندنا ما نتوضأ به ولا نشرب إلا ما في ركوتك، فوضع يده في الركوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون فشربنا وتوضأنا، وجمع ابن حبان بينهما بأن ذلك وقع في وقتين, وكان ذلك قبل قصة البئر وسيأتي في الأشربة يعني من كتاب البخاري بيان أن حديث جابر كان حين حضرت صلاة العصر عند إرادة الوضوء، وحديث البراء كان لإرادة ما هو أعم من ذلك، ويحتمل أن الماء لما تفجر من أصابعه ويده في الركوة وتوضئوا كلهم وشربوا أمر حينئذ بصب الماء الباقي في الركوة في البئر فتكاثر الماء فيها، وقد أخرج أحمد حديث جابر وفيه: فجاءه رجل بإداوة فيها شيء من ماء ليس في

<<  <  ج: ص:  >  >>