وروى عنه ابن عتاب وحاتم بن محمد وابن سهل وغيرهم، وصنف كثيرا في علوم القرآن وغيره ومات صدر محرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة "في تفسيره" وهو في عشرة أجزاء، "وبعث عليه الصلة والسلام بالكتاب إليهم" ليس المراد كتاب الصلح، كما يوهمه سياق المصنف، بل هذا كتاب أرسله لأشراف قريش كما أخرجه البيهقي، والحاكم في الإكليل عن عروة، وابن إسحاق من وجه آخر وابن سعد والواقدي، قالوا: ما محصله لما نزل صلى الله عليه وسلم الحديبية أحب أن يبعث إلى قريش يعلمهم أنه إنما قدم معتمرا، فبعث خراش بن أمية الخزاعي على جمله عليه السلام، فعقره عكرمة بن أبي جهل وأرادوا قتله، فمنعه الأحابيش، فأتاه صلى الله عليه وسلم وأخبره فدعا عمر فاعتذر بأنه يخافهم على نفسه لما عرفوه من عداوته وغلظته عليهم ولا عشيرة له بمكة، ودله على عثمان لعزته عليهم وعشيرته فدعاه وكتب كتابا بعثه "مع عثمان بن عفان" وأمره أن يبشر المستضعفين بمكة بالفتح قريبا، وأن الله سيظهر دينه، فتوجه عثمان فوجد قريشا ببلدح قد اتفقوا على منعهم من مكة، فأجاره أبان بن سعيد بن العاصي وحمله على فرسه، وركب هو وراءه وقال له شعرا: أقبل وأدبر ولا تخف أحدا ... بنو سعيد أعزة الحرم فانطلق حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش، فبلغهم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ عليهم الكتاب واحدا واحدا فما أجابوا، وصمموا أنه لا يدخلها هذا العام، وقالوا لعثمان: إن شئت أن تطوف فطف، فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال المسلمون: هنيئا لعثمان خلص إلى البيت فطاف به دوننا، فقال صلى الله عليه وسلم: "إن ظني به أن لا يطوف حتى نطوف معا". وبشر عثمان المستضعفين، ولما تم الصلح وهم ينظرون نفاذ ذلك وإمضاءه رمى رجل من أحد الفريقين رجلا من الفريق الآخر، فكانت معركة بالنبل والحجارة، فارتهن كل فريق من عندهم،