للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمسك سهيل بن عمرو عنده، وأمسك المشركون عثمان فغضب المسلمون.

وقال مغلطاي: فاحتبسته قريش عندها. فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن عثمان قد قتل، فدعا الناس إلى بيعة الرضوان تحت الشجرة على الموت، وقيل: على أن لا يفروا. انتهى.


"وأمسك" عليه السلام "سهيل بن عمرو عنده"، كما في مغازي أبي الأسود عن عروة وابن عائذ عن ابن عباس وابن عقبة، عن الزهري، وقد نقله عن صاحب العيون. فالاعتراض على المصنف بأن الذي في ابن سيد الناس والشامي صريح في أنه إنما أمسك الذين جاءوا له مع مكرز، والاثني عشر الذين أسرهم بعد ذلك, وهم قلم يقع ذلك في العيون، وما في الشامية مما يوهم ذلك، إنما تبع فيه الواقدي ولا يعادل ما قاله هؤلاء الثقات على أنه لم ينف أنه أمسك سهيلا عنده، بل صح أنه أطلق الذين جاءوا مع مكرز كلهم، ففي مسلم عن سلمة: جاء عمي برجل يقال له: مكرز في ناس من المشركين، فقال صلى الله عليه وسلم: "دعوهم يكون لهم بدء الفجور وثنياه". فعفا عنهم، وأنزل الله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ} الآية، "وأمسك المشركون عثمان" في عشرة دخلوا مكة بإذنه عليه السلام في أمان عثمان أو سرا "فغضب المسلمون، وقال مغلطاي" ملخصا لكلام ابن إسحاق: "فاحتبسته" أي عثمان "قريش عندها، فبلغ النبي صلى اله عليه وسلم أن عثمان قد قتل" فقال: "لا نبرح حتى نناجز القوم". "فدعا الناس إلى بيعة الرضوان" سميت بذلك لقوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} سمرة أو أم غيلان كان صلى الله عليه وسلم نازلا تحتها يستظل بها، فبايعوه "على الموت" كما قاله سلمة بن الأكوع عند البخاري، والترمذي, والنسائي، وروى الشيخان عن عبد الله بن زيد لا أبايع على هذا أي الموت أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، "وقيل" لم يبايعهم على الموت، بل "على أن لا يفروا" قاله جابر بن عبد الله، ورواه مسلم عن معقل بن يسار. "انتهى".
وفي الصحيح أن نافعا سئل أبايعهم على الموت، قال: لا بايعهم على الصبر. وجمع الترمذي بأن بعضا بايع على الموت وبعضا على أن لا يفروا، واستدل لكل منهما بقوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} الآية، لأن المبايعة وقعت مطلقة فيها، وقد أخبر سلمة وهو ممن بايع أنه بايع على الموت فدل على أن المراد، وقال ابن المنير: قوله {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} والسكينة الطمأنينة في موقف الحرب يدل على أنهم أضمروا في قلوبهم أن لا يفروا فأعانهم على ذلك.
قال الحافظ: على أنه لا منافاة فالمراد بالمبايعة على الموت أن لا يفروا ولو ماتوا، وليس المراد أن يقع الموت، ولا بد وهو الذي أنكره نافع وعدل إلى قوله بايعهم على الصبر، أي على الثبات وعدم الفرار سواء أفضي بهم ذلك إلى الموت أم لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>