للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مغلطاي: وجزم الدمياطي في سيرته بأن تحريم الخمر كان في سنة الحديبية.

وذكر ابن إسحاق أنه كان في وقعة بني النضير، وهي بعد أحد، وذلك سنة أربع على الراجح.

وفيه نظر؛ لأن أنسا كان الساقي يوم حرمت، وأنه لما سمع المنادي بتحريمها بادر فأراقها، فلو كان ذلك سنة أربع، لكان أنس يصغر عن ذلك.

وقال النسائي والبيهقي بسند صحيح


وأثنى عليّ فذاك آمن بي". ولمسلم عن أبي هريرة مرفوعا: "قال الله ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين". وعلى الأول حمله كثير من العلماء أعلاهم الشافعي، قال في الأم: من قال مطرنا بنوء كذا على ما كان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى أنه أمطر نوء كذا فذلك كفر، كما قال صلى الله عليه وسلم؛ لأن النوء وقت، وهو مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا، ومن قاله على معنى مطرنا في وقت كذا فلا يكون كفرا وغيره أحب إليّ منه، يعني حسما للمادة وعلى هذا يحمل إطلاق الحديث.
وللنسائي عن أبي سعيد مطرنا بنوء المجدج بكسر الميم، ويقال: بضمها وفتح الدال وحاء مهملتين، وهو نجم أحمر منير وفي طرح الإمام المسألة على أصحابه، وإن كانت لا تدرك إلا بدقة نظر، ويؤخذ منه أن للولي المتمكن من النظر في الإشارات أن يأخذ منها عبارات ينسبها إلى الله تعالى. كذا قال بعض شيوخنا وكأنه أخذه من استفهامه أصحابه عما قال ربهم، وحمل الاستفهام على حقيقته لكونهم فهموا خلاف ذلك، ولذا لم يجيبوا إلا بتفويض الأمر إلى الله ورسوله. "قال مغلطاي: وجزم الدمياطي في سيرته بأن تحريم الخمر كان في سنة الحديبية".
"وذكر ابن إسحاق أنه كان في وقعة بني النضير وهي بعد أحد وذلك سنة أربع على الراجح وفيه نظر، لأن أنسا كان الساقي يوم حرمت" كما ثبت في الصحيحين عنه: إني لقائم أسقي أبا طلحة وفلانا وفلانا. في مسلم. وأبا دجانة, وسهيل بن بيضاء, وأبا عبيدة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبا أيوب, إذ جاء رجل فقال: وهل بلغكم الخبر؟ قالوا: وماذا؟ قال: حرمت الخمر. قالوا: أهرق هذه القلال يا أنس. قال: فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل. "وأنه لما سمع المنادي" قال الحافظ: لم أرَ التصريح باسمه "بتحريمها بادر، فأراقها" بأمر الصحابة الذين كان يسقيهم، "فلو كان ذلك سنة أربع لكان أنس يصغر عن ذلك" وهذا النظر عجيب من مثل مغلطاي، فقد ثبت أنه خدم المصطفى لما قدم المدينة وهو ابن عشر سنين، فمن عمره أربع عشرة سنة كيف يصغر عن ذلك، "وقال" أي روى "النسائي، والبيهقي بسند صحيح عن

<<  <  ج: ص:  >  >>