للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجد الرجل ألم الجراحة فأهوى بيده إلى كنانته، فاستخرج منها سهما فنحر نفسه، فاشتد رجل من المسلمين فقال: يا رسول الله، صدق الله حديثك، انتحر فلان فقتل نفسه. فقال: "قم يا فلان فأذن: إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر".


البخاري، فقال رجل من القوم: أنا صاحبه أي: أصحبه وألازمه لأنظر السبب الذي به يصير من أهل النار، فإن فعله في الظاهر جميل وقد أخبر الصادق المصدوق أنه من أهل النار فلا بد له من سبب عجيب، قال فخرج معه كلما وقف وقف معه "فوجد الرجل ألم الجراحة، فأهوى بيده إلى كنانته فاستخرج منها سهما" بالإفراد للكشميهني ولغيره أسهما بفتح أوله وضم الهاء بلفظ الجمع، "فنحر نفسه فاشتد" أي أسرع في المشي "رجل" بالإفراد "من المسلمين" قال الحافظ: هو أكثم الخزاعي، ففي حديثه عند الطبراني، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أشهد أنك رسول الله. انتهى.
ويقع في نسخ رجال بالجمع وهو من تحريف النساخ، فالذي في البخاري بالأفراد وفسره شارحه بما ترى "فقال" بالإفراد، كما هو في البخاري، ونسخة، فقالوا: خطأ "يا رسول الله صدق الله حديثك انتحر فلان فقتل نفسه".
قال المهلب هذا الرجل ممن أعلمنا صلى الله عليه وسلم أنه نفذ عليه الوعيد، من النفاق ولا يلزم منه أن كل من قتل نفسه يقضى عليه بالنار، وقال ابن التين: يحتمل أن قوله من أهل النار أي إن لم يغفر الله له، ويحتمل أنه حين أصابته الجراحة ارتاب وشك في الإيمان أو استحل قتل نفسه فمات كافرا ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وبذلك جزم ابن المنير "فقال" عليه السلام: "قم يا فلان" هو بلال، كما عند البخاري في كتاب القدر بلفظ: "يا بلال قم". ولمسلم: "قم يابن الخطاب". وللبيهقي أن المنادي عبد الرحمن بن عوف ويجمع بأنهم نادوا جميعا في جهات مختلفة قاله في الفتح وقال في مقدمته: روى الطبراني والبيهقي عن العرباض أن عبد الرحمن أذن أن الجنة لا تحل إلا لمؤمن، وكان هذا في قصة أخرى أو المؤذن أكثر من واحد. انتهى.
"فأذن" بشد المعجمة المكسورة أي أعلم الناس "إنه" ولأبي ذر: أن "لا يدخل الجنة إلا مؤمن" فيه إشعار بسلب الإيمان عن هذا الرجل. "إن الله يؤيد" وللكشميهني: ليؤيد التأكيد. قال النووي: يجوز في أن فتح الهمزة وكسرها "هذا الدين بالرجل الفاجر" الذي قتل نفسه، أو أل للجنس لا للعهد فيعم كل فاجر أيد الدين وساعده بوجه من الوجوه. انتهى.
وليس فيه على أنها عهدية ما يقضي بكفره لأن عصيانه كاف في فجوره، وقال الحافظ:

<<  <  ج: ص:  >  >>