للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة". الحديث.


الذي يظهر أن المراد بالفاجر أعم من أن يكون كافرا أو فاسقا ولا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم إنا لا نستعين بمشرك لأنه محمول على من كان يظهر الكفر أو هو منسوخ.
وفي الحديث أخبار صلى الله عليه وسلم بالمغيبات وذلك من معجزاته الظاهرة وفيه جواز إعلام الرجل الصالح بفضيلة تكون فيه والجهر بها، "و" عنده أي البخاري أيضا " في رواية" هنا وفي مواضع من طرق عن سهل بن سعد أنه صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا فمال إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحابه رجل لا يدع لهم شاذة ولا فادة إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقيل: ما أجزى منا أحد اليوم كما أجزى فلان، فقال صلى الله عليه وسلم: "أما إنه من أهل النار"، فقال رجل من القوم أنا صاحبه فخرج معه كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه فجرح الرجل جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله، قال: "وما ذاك"؟ قال: الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك. فقلت: أنا لكم به فخرجت في طلبه, ثم جرح جرحا شديدا فاستعجل المو فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة" من الطاعات "فيما يبدو" يظهر "للناس وهو من أهل النار" فيدخلها "وأن الرجل ليعمل بعمل" الباء فيهما زائدة للتأكيد أو ضمن يعمل معنى يتلبس بعمل "أهل النار" من المعاصي "فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة".
زاد الطبراني في حديث أكثم تدركه الشقاوة والسعادة عند خروج نفسه فيختم له بها، وذكر في ذا الحديث أهل الخير والشر صرفا إلى الموت لا الذين خلطوا وماتوا مسلمين، فلم يقصد تعميم أحوال المكلفين، بل أورده لبيان أن الاعتبار بالخاتمة، ختم الله أعمالنا بالصالحات بمنه وكرمه أنه على ذلك قدير.
قال النووي: فيه التحذير من الاغترار بالأعمال وأنه ينبغي للعبد أن لا يتكل عليها ولا يركن إليها مخافة من انقلاب الحل للقدر السابق، وكذا ينبغي للعاصي أن لا يقنط ولغيره أن لا يقنطه من رحمة الله "الحديث" تتمته: "وإنما الأعمال بالخواتيم".
هكذا رواه البخاري في كتاب القدر من صحيحه وبوب عليه العمل بالخواتيم.
ورواه في الجهاد والمغازي بطرق بإسقاط تتمته هذه، وقد صرح في حديث أبي هريرة

<<  <  ج: ص:  >  >>