للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: صدقت وبررت، فقال: "هل أنتم صادقوني عن شيء إن سألتكم عنه"؟. فقالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبناك عرفت كذبنا، كما عرفته في أبينا. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أهل النار"؟. فقالوا: نكون فيها يسيرا ثم تخلفوننا فيها. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخسؤا فيها, والله لن نخلفكم فيها أبدا". ثم قال لهم: "هل أنتم صادقوني عن شيء إن سألتكم عنه"؟. فقالوا: نعم. فقال: "هل جعلتم في هذه الشاة سما"؟.


فظاهره أنه حتى فيمن عناه المصطفى وكان مراده عين السبط من أولاد يعقوب الذين هم من ذريته فلا ينافي أنه جزم في الطب من المقدمة والفتح، بأنه يعقوب, والله أعلم.
"قالوا: صدقت وبررت" بكسر الراء الأولى وحكى فتحها قاله المصنف فالرواية بالكسر، واقتصر عليه الكرماني، فقال: "هل أنتم صادقوني". كذا للأربعة أيضا ولغيرهم: صادقي بكسر الدل والقاف وشد التحتية على الأصل "عن شيء إن سألتكم عنه". قالوا: نعم يا أبا القسم وإن كذبناك" بخفة الذال المعجمة "عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا" حين أخبرنا عنه بخلاف الواقع، "فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أهل النار". قالوا: نكون فيها" زمانا "يسيرا، ثم تخلفوننا فيها" بسكون الخاء وضم اللام مخففة وفي الجزية لغير أبي ذر تخلفونا بإسقاط النون لغير ناصب ولا جازم وهو لغة، قاله المصنف، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخسؤا فيها". أي: اسكنوا سكون ذلة وهوان وانزجروا انزجار الكلاب عن هذا القول "والله لن نخلفكم فيها أبدا". لا تخرجون منها ولا نقيم فيها بعدكم؛ لأن من دخلها من عصاة المسلمين يخرج منها فلا خلافه قط, وعند الطبري عن عكرمة, قال: خاصمت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالوا: لن ندخل النار إلا أياما معدودة ويستخلف إليها قوم آخرون يعنون محمدا وأصحابه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على رءوسهم: "بل أنتم خالدون مخلدون لا يخلفكم فيها أحد". فأنزل الله: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} الآية.
وأخرج عن ابن عباس أنهم قالوا: لن ندخل النار إلا تحلة القسم الأيام التي عبدنا فيها العجل أربعين ليلة فإذا انقضت انقطع عنا العذاب، فنزلت الآية.
وروى الطبراني في الكبير وابن جرير، وابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن عباس قدم صلى الله عليه وسلم المدينة ويهود تقول: إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما يعذب الناس بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار من أيام الآخرة فإنما هي سبعة أيام، ثم ينقطع العذاب فنزلت الآية. ثم قال لهم: "هل" ولغير أبي ذر: فهل "أنتم صادقوني" كذا للأربعة أيضا ولغيرهم: صادقي "عن شيء إن سألتكم عنه". فقالوا -وفي رواية: قالوا. بحذف الفاء-: نعم، فقال: "هل جعلتم في هذه الشاة سما". نسب لهم الجعل لأنهم لما علموا به حين شاورتهم وأجمعوا لها على سم معين كأنهم جعلوه،

<<  <  ج: ص:  >  >>