للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظا، فقال: "أي بلال"!. فقال بلال: إنه أخذ بنفسي الذي أخذ -بأبي أنت وأمي يا رسول الله-.


فلم يستيقظ رسول الله ولا بلال ولا أحد من أصحابه" عليه السلام "حتى ضربتهم الشمس" قال عياض: أي أصابهم شعاعها وحرها "فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظا" أسقط من رواية مسلم، وهو في الموطأ: ففزع, قال النووي: أي أنتبه وقام.
وقال الأصيلي: ففزع لأجل عدوهم خوفا أن يكون اتبعهم فيجدهم بتلك الحال من النوم، وقال ابن عبد البر: يحتمل أن يكون تأسفا على ما فاتهم من وقت الصلاة. قال: وفيه دليل على أن ذلك لم يكن من عادته منذ بعث. قال: ولا معنى لقول الأصيلي؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتبعه عدو في انصرافه من خيبر ولا من حنين ولا ذكر ذلك أحد من أهل المغازي بل انصرف من كلا الغزوتين ظافرا غانما. انتهى.
ففي حديث أبي هريرة هذا: أن المصطفى أول من استيقظ وأن الذي كلأ الفجر بلال، ومثله في حديث أبي قتادة عند الشيخين ولهما من حديث عمران بن حصين: أن أول من استيقظ أبو بكر ثم فلان، ثم فلان، ثم عمر بن الخطاب الرابع فكبر حتى استيقظ صلى الله عليه وسلم. وفي حديث أبي قتادة أن العمرين لم يكونا معه صلى الله عليه وسلم لما نام وفي قصة عمران أنهما معه.
وروى الطبراني شبيها بقصة عمران وفيه أن الذي كلأ لهم الفجر ذو مخبر وهو بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة، وفتح الموحدة، وفي صحيح ابن حبان عن ابن مسعود أنه كلأ لهم الفجر.
قال الحافظ: فهذا كله يدل على تعدد القصة، ومع ذلك فالجمع ممكن ولا سيما مع ما وقع عند مسلم وغيره: أن عبد الله بن رباح راوي الحديث عن أبي قتادة ذكر أن عمران سمعه وهو يحدث الحديث بطوله، فقال: انظر كيف تحدث فإني كنت شاهدا القصة، فما أنكر عليه من الحديث شيئا، فهذا يدل على اتحادهما. لكن لمدعي التعدد أن يقول: يحتمل أن عمران حضر القصتين، فحدث بإحداهما وصدق ابن رباح لما حدث عن أبي قتادة بالأخرى, والله أعلم. انتهى.
فيتأمل الجمع بماذا مع هذا التغاير في الذي كلأ وأول من استيقظ، وأن العمرين معه في خبر عمران ولم يكونا في خبر أبي قتادة، وسبق اختلاف أيضا في محل اليوم فالمتجه ما رجحه عياض أن النوم وقع مرتين عن صلاة الصبح وإليه أومأ الحافظ قبلُ كما مر، "فقال: أي: بلال" مناديا, وفي رواية ابن إسحاق: فقال: "ماذا صنعت بنا يا بلال". "فقال بلال: إنه أخذ بنفسي الذي أخذ -بأبي أنت وأمي يا رسول الله-". هكذا ثبت في رواية مسلم وغيره، كما ترى وسقط في

<<  <  ج: ص:  >  >>