للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنفسك. قال: "اقتادوا".


رواية ابن إسحاق، الواقدي لكنها زيادة ثقة، فتقبل, وعجيب قول القائل: لعله ثبت في رواية غيره، أفلا تنبه لكون المتن عزاه لمسلم "بنفسك" صلة أخذ وما بينهما اعتراض.
قال ابن رشيق: أي أن الله استولى بقدرته عليَّ، كما استولى عليك مع منزلتك قال: ويحتمل أن المراد غلبني النوم كما غلبك، وقال ابن عبد البر: معناه قبض نفسي الذي قبض نفسك، فالباء زائدة أي توفاها متوفي نفسك, قال: وهذا قول من جعل النفس والروح شيئا واحدا؛ لأنه قال في الحديث الآخر: "إن الله قبض أرواحنا". فنص على أن المقبوض هو الروح وفي القرءان: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} الآية. ومن قال: النفس غير الروح تأول: أخذ بنفسي من النوم الذي أخذ بنفسك منه.
زاد في رواية ابن إسحاق قال: "صدقت". وفي الموطأ من وجه آخر: ثم التفت صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر، فقال: "إن الشيطان أتى بلالا وهو قائم يصلي فأضجعه، فلم يزل يهديه كما يهدي الصبي حتى نام". ثم دعا بلالا فأخبر بلال رسول الله مثل الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر، فقال أبو بكر: أشهد أنك رسول الله.
قال ابن عبد البر: أهل الحديث يروون: يهديه بترك الهمز وأصلها عند أهل اللغة الهمز، وقال في المطالع هو بالهمز أي يسكنه وينومه من هدأت الصبي، إذا وضعت يدك عليه لينام، وفي رواية بغير همز على التسهيل, ويقال فيه أيضا: يهدنه بالنون، وروي يتهدهده, هدهدت الأم ولدها لينام أي حركته. انتهى.
وفي هذا اعتذار عن بلال وأنه ليس باختياره وفيه تأنيس له، كما آنسهم لما عرض لهم من الأسف على خروج الصلاة عن وقتها بأنه لا حرج عليهم إذ لم يتعمدوا ذلك، ففي حديث عمران شكوا إليه الذي أصابهم قال: "لا ضير". أو: "لا يضيره". في مستخرج أبي نعيم: "لا يسوء ولا يضير". ولأحمد عن ابن مسعود مرفوعا: "وإن الله أراد أن لا تناموا عنها لم تناموا، ولكن أراد أن تكون لمن بعدكم فهكذا لمن نام أو نسي". وفي الموطأ وأبي داود: "إن الله قبض أرواحنا، ثم ردها إلينا فصلينا ولو شاء ردها إلينا في حين غير هذا".
قال: "اقتادوا" بالقاف، أي ارتحلوا كما قال في حديث عمران زاد مسلم في رواية أبي حازم عن أبي هريرة: "فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان". قال ابن رشيق: قد علله صلى الله عليه وسلم بهذا ولا يعلمه إلا هو.
وقال القاضي عياض: هذا أظهر الأقوال في تعليله. قال الحافظ: وقيل لاشتغالهم بأحوال الصلاة، أو تحرزا من العدو، أو ليستيقظ النائم وينشط الكسلان، أو لأن الوقت وقت كراهة, يرده

<<  <  ج: ص:  >  >>