للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاقتادوا رواحلهم شيئا، ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بلالا فأقام الصلاة، فصلى بهم الصبح، فلما قضى الصلاة قال: "من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تعالى قال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} ".


قول الحديث: حتى ضربتهم الشمس، وفي حديث عمران: حتى وجدوا حر الشمس، وذلك لا يكون حتى يذهب وقت الكراهة.
وقال القرطبي: أخذ بهذا بعض العلماء فقال: من انتبه من نوم عن فائتة في حضر فليتحول عن موضعه، وإن كان واديا فليخرج عنه. وقيل: إنما يلزم في ذلك الوادي بعينه. وقيل: هو خاص به صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يعلم ذلك من حال ذلك الوادي ولا غيره إلا هو.
وقال غيره: يؤخذ منه إن من حصلت له غفلة في مكان عن عبادة استحب له التحول منه ومنه أمر الناعس في سماع الخطبة يوم الجمعة بالتحول من مكان إلى مكان آخر، "فاقتادوا رواحلهم شيئا" يسيرا.
وفي حديث عمران: فسار غير بعيد، ثم نزل وهذا يدل على أن هذا الارتحال وقع على خلاف سيرهم المعتاد، "ثم توضأ صلى الله عليه وسلم" زاد ابن إسحاق: وتوضأ الناس "وأمر بلالا فأقام الصلاة".
قال عياض: أكثر رواة الموطأ في هذا الحديث على: فأقام, وبعضهم قال: فأذن أو أقام على الشك. ولأحمد من حديث ذي مخبر: فأمر بلالا فأذن، ثم قام صلى الله عليه وسلم فصلى الركعتين قبل لصبح وهو غير عجل، ثم أمره فأقام الصلاة "فصلى بهم الصبح" زاد الطبراني من حديث عمران: فقلنا يا رسول الله أنعيدها من الغد لوقتها؟ قال: "نهانا الله عن الربا ويقبله منا"؟. وعند ابن عبد البر: "لا ينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم". فلما قضى الصلاة، قال: "من نسي الصلاة". زاد القعنبي في روايته في الموطأ: "أو نام عنها". "فليصلها إذا ذكرها". وعند أبي يعلى والطبراني، وابن عبد البر من حديث أبي جحيفة: ثم قال صلى الله عليه وسلم: "إنكم كنتم أمواتا فرد الله إليكم أرواحكم فمن نام عن الصلاة فليصلها إذا استيقظ، ومن نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها". فعلم أن في الحديث اختصارا من بعض الرواة فزعم أنه أراد بالنسيان مطلق الغفلة عن الصلاة لنوم أو غيره، وأنه لم يذكر النوم أصلا لأنه أظهر في العموم الذي أراده فاسد نشأ من عدم الوقوف على الروايات, "فإن الله تعالى قال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} " [طه: ١٤] .
قال القاضي عياض: قال بعضهم فيه تنبيه على ثبوت هذا الحكم وأخذه من الآية التي تضمنت الأمر لموسى عليه السلام وأنه مما يلزمنا اتباعه، وقال غيره: استشكال وجه أخذ الحكم من الآية فإن معنى: {لِذِكْرِي} ، إما لذكري فيها وإما لأذكرك عليها على اختلاف القولين في تأويلها وعلى كل فلا يعطى ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>