قال الطحاوي: وهذا أصل يؤخذ منه أن على المسلمين تقديم رجل إذا غاب الإمام يقوم مقامه إلى أن يحضر وجواز الاجتهاد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وعلم ظاهر من أعلام النبوة. انتهى. "قالوا: وعقد لهم صلى الله عليه وسلم لواء أبيض ودفعه إلى زيد وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير" وهو مؤتة كما مر، وروي أنه صلى الله عليه وسلم نهاهم أن يأتوا مؤتة فركبتهم ضبابة فلم يبصروا حتى أصبحوا عليها، فإن صح احتمل أن المراد بمقتل الحارث الأرض التي قتل فيها لا خصوص المكان الذي قتل به، فلا ينافي النهي أوان موضع قتله ليس في خصوص مؤتة بل في جهتها "وأن يدعوا من هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا وإلا" فأقول لكم "استعينوا" بصيغة الأمر فلا يرد وجوب الفاء في جواب الشرط الطلبي، وفي لفظ استعانوا "عليهم بالله وقاتلوهم" فأسرع الناس بالخروج وعسكروا بالجرف بضم الجيم والراء، وسكونها. وروي بمعجمتين على ثلاثة أميال من المدينة لجهة الشام "وخرج" صلى الله عليه وسلم "مشيعا لهم حتى بلغ ثنية الوداع" بفتح الواو. سميت بذلك لتوديع المصطفى هذه السرية عندها، أو لأن المسافر كان يودع عندها قديما، وصححه عياض "فوقف وودعهم" وهذا أصل في الخروج مع المسافر إلى خارج البلد. وروى الواقدي عن زيد بن أرقم رفعه: "أوصيكم بتقوى الله وبمن معكم من المسلمين خيرا اغزوا بسم الله في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة ولا كبيرا فانيا ولا منعزلا بصومعة ولا تقربوا نخلا ولا تقطعوا شجرا ولا تهدموا بناء". وعند ابن إسحاق من مرسل عروة، ودع الناس الأمراء فلما ودع ابن رواحة بكى، فقالوا: ما يبكيك؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية: