للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما ساروا نادى المسلمون: دفع الله عنكم وردكم صالحين غانمين، فقال عبد الله بن رواحة:

لكنني أسأل الرحمن مغفرة ... وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا

فلما فصلوا من المدينة سمع العدو بمسيرهم، فجمعوا لهم، وقام شرحبيل بن عمرو فجمع أكثر من مائة ألف، وقدم الطلائع أمامه.

وقد نزل المسلمون معان.


{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} ، فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود، قال: "فلما ساروا نادى المسلمون دفع الله عنكم وردكم صالحين غانمين، فقال عبد الله بن رواحة":
"لكنني أسأل الرحمن مغفرة ... وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا"
أو طعنة بيدي حران مجهزة ... بحربة تنقذ الحشاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي ... يا أرشد الله من غاز وقد رشدا
وذات فرغ بفتح الفاء وسكون الراء وغين معجمة، أي واسعة يسيل دمها كما في العيون، والزبد فتح الزاي والموحدة وبمهملة رغوة الدم.
قال ابن إسحاق وأتى ابن رواحة رسول الله فودعه، ثم قال:
فثبت الله ما آتاك من حسن ... تثبيت موسى ونصر كالذي نصروا
إني تفرست فيك الخير نافلة ... فراسة خالفت فيك الذي نظروا
أنت الرسول فمن يحرم نوافله ... والوجه منه فقد أزرى به القدر
وروى غيره أنه صلى الله عليه وسلم قال له: قل شعرا تقتضبه اقتضابا وأنا أنظر إليك من غير روية، فقال: إني تفرست الأبيات حتى انتهى إلى قوله: فثبت الله. قال صلى الله عليه وسلم: "وأنت فثبتك الله يابن رواحة".
وعند أحمد، والترمذي عن ابن عباس أن ابن رواحة تخلف حتى صلى الجمعة معه صلى الله عليه وسلم فلما صلى رآه، فقال: "ما منعك أن تغدو مع أصحابك". قال: أردت أن أصلي معك الجمعة، ثم ألحقهم. فقال صلى الله عليه وسلم: "لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما أدركت غدوتهم".
وفي رواية: "لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها". "فلما فصلوا من المدينة سمع العدو بمسيرهم فجمعوا لهم وقام شرحبيل بن عمرو فجمع أكثر من مائة ألف وقدم الطلائع أمامه" فلما نزل المسلمون وادي القرى بعث أخاه سدوس بن عمرو في خمسين من المشركين، فاقتتلوا وانكشف أصحاب سدوس وقد قتل، "وقد نزل المسلمون معان" لما ساروا من وادي القرى نزلوا بغار فبلغهم كثرة العدو فأقاموا على معان ليلتين "بفتح الميم" على ما

<<  <  ج: ص:  >  >>