للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو عند ابن حرير من حديث ابن عمر بنحوه وزاد: فجاء محلم بن جثامة في بردين فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر له، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا غفر الله لك". فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه، فما مضت له سابعة حتى مات فلفظته الأرض. وعند غيره: ثم عادوا به فلفظته الأرض، فلما غلب قومه عمدوا إلى صدين فسطحوه ثم رضموا عليه الحجارة حتى واروه.


ولا ينافي قوله لشيء كان بينه وبينه. قوله تعالى: {لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النور: ٣٣] ؛ لأن الحقد من عرضها المبتغى، مع أنه أخذ متاعه وبعيره أيضا "وهو عند ابن جرير، من حديث ابن عمر بنحوه", وقد مر في سرية غالب الليثي: أن الآية نزلت في قتل أسامة بن زيد مرداس بن نهيك، وأنه يحتمل تعدد القصة، وتكرير نزول الآية، "وزاد" ابن عمر في حديث: "فجاء ملحم بن جثامة في بردين" معهم حين رجعوا ولم يلقوا جمعا، فلما وصلوا إلى ذي خشب بلغهم أنه صلى الله عليه وسلم توجه إلى مكة، فلحقوه بالسقيا، كما عند ابن سعد وغيره، فأخبروه الخبر، فقال لمحلم: "أقتلته بعدما قال: آمنت بالله". "فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليستغفر له"، فقال صلى الله عليه وسلم: "قتلته بعدما قال: إني مسلم"؟. قال: إنما قالها متعوذا. قال: "أفلا شققت عن قلبه لتعلم أصادق هو أم كاذب"؟. قال: وهل قلبه إلا مضغة من لحم. قال صلى الله عليه وسلم: "إنما كان ينبئ عنه لسانه هذا". من جملة حديث ابن عمر عند ابن جرير، وفي رواية: فقال صلى الله عليه وسلم: "لا ما في قلبه تعلم، ولا لسانه صدقت". فقال: استغفر لي يا رسول الله، قال: "لا غفر الله لك". زجرا وتهويلا، "فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه، فما مضت له سابعة" من الليالي يؤرخون بها ويريدون الأيام، "حتى مات، فلفظته" طرحته "الأرض وعند غيره" كابن إسحاق: حدثني من لا أتهم عن الحسن البصري: قال صلى الله عليه وسلم حين جلس بين يديه: "أمنته بالله ثم قتلته".
فما مكث إلا سبعا حتى مات فلفظته الأرض، "ثم عادوا به، فلفظته الأرض،" ثم عادوا به، فلفظته الأرض، "فلما غلب قومه عمدوا إلى صدين" بضم الصاد وفتحها، ودال مهملتين تثنية صد أي: جبلين، "فسطحوه" بينهما "ثم رضموا" بفتح الراء، والضاد المعجمة، أي جعلوا "عليه الحجارة" بعضها فوق بعض، "حتى واروه" وظاهره أن ذلك كله يوم الدفن، وفي رواية: أنهم حفروا له فأصبح، وقد لفظته الأرض، ثم عادوا، فحفروا له فأصبح, وقد لفظته الأرض إلى جنب قبره، قال الحسن: لا أدري كم قال أصحاب رسول الله، مرتين أو ثلاثا؟
وفي حديث جندب عند الطبراني وقتادة عن ابن جرير أن ذلك وقع ثلاث مرات، فإن صح، فيحتمل أنه لفظ يوم الدفن مرتين أو ثلاثا، ثم استقر به حتى أصبح، وقد لفظ أيضا حتى واروه بعد ثلاث أيضا بين الجبلين، فحفظ كل من الرواة ما لم يحفظ الآخر، ولا يخفى بعده، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>