للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم". فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} إلى قوله: {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [الممتحنة: ١] رواه البخاري.

قال في فتح الباري: وإنما قال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق مع تصديق.


عمر لأن وقوع هذا الأمر محقق عند الرسول. انتهى.
وفي الفتح هي بشارة عظيمة لم تقع لغيرهم. وقد قال العلماء: الترجي في كلام الله وكلام الرسول للوقوع وعند أحمد، وأبي داود، وابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة، بالجزم، ولفظه: "إن الله اطلع على أهل بدر". "فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" , زاد البخاري في بدر: فدمعت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم.
قال الحافظ اتفقوا على أن هذه البشارة فيما يتعلق، بأحكام الآخرة لا بأحكام الدنيا من إقامة الحدود وغيرها. "فأنزل الله تعالى" السورة كما في لفظ البخاري: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فيه أن الكبيرة لا تسلب اسم الإيمان {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ} أي كفار مكة {أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ} حال من ضمير لا تتخذوا أي لا تتخذوهم أولياء ملقين {إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} أي تبذلونها لهم ودخول الباء وعدمه سواء عند الفراء، وقال سيبويه: لا تزاد في الواجب فمفعول تلقون عند طائفة من البصريين محذوف أي النصيحة.
وقال النحاس: أي تخبرونهم بما يخبر به الرجل أهل مودته وهذا التقدير إن نفع هنا لم ينفع في مثل قول العرب: ألقى إليه بوسادة أو ثوب، فيقال: إن ألقى قسمان وضع الشيء بالأرض وفي الآية إنما هو إلقاء بكتاب وإرسال به فعبر عنه بالمودة؛ لأنه من أفعال أهلها فمن ثم حسنت الباء؛ لأنه إرسال بشيء، كذا في الروض "إلى قوله: {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} " أخطأ طريق الهدى والصواب، والسواء في الأصل السوط ودل هذا الأغياء على أن قوله فأنزل الله السورة مجاز من تسمية الجزء باسم الكل، أو من مجاز الحذف أي بعض السورة التي أولها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} .
وفي مرسل عروة، عند ابن إسحاق: فأنزل الله في حاطب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} إلى قوله: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} "رواه البخاري"، هنا وقبله في بدر وفي الجهاد وبعده في التفسير "قال في فتح الباري" دفعا لإشكال مشهور علم من قوله: "وإنما قال عمر دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق" زاد البخاري في بدر: إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين "مع تصديق

<<  <  ج: ص:  >  >>