"لما كان عند عمر من القوة" الشدة "في الدين وبغض المنافقين، فظن أن من خالف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم" من إخفاء مسيره عن قريش وحرصه على عدم وصول خبره إليهم، وبعثه جماعة على الطريق حتى لا يبلغهم الخبر، كما مر وظهور هذا بين الصحابة، لا يخفى على حاطب رضي الله عنهم أجمعين، فلذا ظن أنه "استحق القتل لكنه لم يجزم بذلك، فلذلك استأذن في قتله" ولو جزم به لما استأذن، "وأطلق عليه منافقا لكونه أبطن خلاف ما أظهر", فلم يرد عمر أنه أظهر الإسلام وأخفى الكفر، فلا يشكل بتصديقه له عليه السلام، بأنه ما فعل ذلك كفرا ولا ارتدادا ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فإن هذه الشهادة نافية للنفاق قطعا "وعذر حاطب ما ذكره" من خوفه على أهله بمكة "فإنه فعل ذلك متأولا أن لا ضرر فيه", كما صرح بذلك في قوله: فكتبت كتابا لا يضر الله ولا رسوله، وفي كتابه لقريش: فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله، وقد يكون تأول أن مع سلامة قرابته بذلك يلقي الله الرعب في قلوبهم فيسلموا مكة طائعين بلا قتال، خصوصا وقد وصف الجيش بأنه كالسي، "وعند الطبراني، من طريق الحارث" بن عبد الله الأعور الهمداني، بسكون الميم، الكوفي صاحب علي في حديثه ضعف ورمي بالرفض مات في خلافة ابن الزبير "عن علي في هذه القصة"، فقال: "أليس قد شهد بدرا -أو: ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم". "فأرشد" صلى الله عليه وسلم "إلى علة ترك قتله" أي تركه أمر عمر بقتله. وفي نسخة تركه قتله. قال السهيلي: ففيه دليل على قتل الجاسوس لتعليقه حكم المنع من قتله بشهوده بدرا فدل على أن من فعل مثله، وليس بدريا أنه يقتل. وعند الطبراني أيضا عن عروة: "فإني غافر لكم" ما سيقع منكم، وفي المغازي، وابن عائذ