للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الخطابي: يحتمل أن يكون خالد نقم عليهم العدول عن لفظ الإسلام؛ لأنه فهم عنهم أن ذلك وقع منهم على سبيل الأنفة ولم ينقادوا إلى الدين، فقتلهم متأولا، وأنكر صلى الله عليه وسلم العجلة وترك التثبت في أمرهم قبل أن يعلم المراد من قولهم: صبأنا.


الباقر، ثم دعا عليا، فقال: "يا علي اخرج إلى هؤلاء القوم، فانظر في أمرهم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك"، فخرج حتى جاءهم ومعه مال بعثه به النبي عليه الصلاة والسلام، فودى لهم الدماء وما أصيب من الأموال، حتى إنه ليدي لهم ميلغة الكلب، حتى إذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه، بقيت معه بقية من المال، فقال لهم علي: فرغ فرغ هل بقي لكم دم أو مال لم يود لكم، قالوا: لا، قال: فإني أعطيكم بقية هذا المال، احتياطا لرسول الله بما لا يعلم ولا تعلمون، ففعل، ثم رجع إليه صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: "أصبت وأحسنت" ثم استقبل صلى الله عليه وسلم القبلة قائما شاهرا يديه، حتى إنه ليرى ما تحت منكبيه يقول: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد". ثلاث مرات.
قال ابن هشام: حدثني بعض أهل العلم أنه حدث عن إبراهيم بن جعفر المحمودي، قال: قال صلى الله عليه وسلم: "رأيت كأني لقمت لقمة من حيس، فالتذذت بطعمها، فاعترض في حلقي منها شيء حين ابتلعتها، فأدخل علي يده فنزعه ". فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله هذه سرية من سراياك تبعثها، فيأتيك منها بعض ما تحب، ويكون في بعضها اعتراض، فتبعث عليا فيسهله.
"قال الخطابي: يحتمل أن يكون خالد نقم" بفتح القاف وكسرها لغة، كما في المصباح، أي عاب "عليهم العدول عن لفظ الإسلام لأنه فهم عنهم أن ذلك وقع منهم على سبيل الأنفة ولم ينقادوا إلى الدين، فقتلهم متأولا وأنكر عليه صلى الله عليه وسلم العجلة، وترك التثبت في أمرهم قبل أن يعلم المراد من قولهم: صبأنا" فظن أن مرادهم خرجنا إلى الدين الباطل، مع أن مرادهم من دين إلى دين.
قال المصنف: ولم ير عليه قودا؛ لأنه تأول أنه كان مأمورا بقتالهم إلى أن يسلموا انتهى، وقال ابن إسحاق: قال بعض من عذر خالدًا: إنه قال: ما قاتلت حتى أمرني عبد الله بن حذافة السهمي، وقال: إن رسول الله قد أمرك أن تقاتلهم لامتناعم من الإسلام، قال الحافظ قول ابن عمر راوي الحديث: فلم يحسنوا ... إلخ، يدل على أنه فهم أنهم أرادوا الإسلام حقيقة، ويؤيد فهمه أن قريشا كانوا يقولون لمن أسلم صبا، حتى اشتهرت هذه اللفظة، وصاروا يطلقونها في مقام الذم، ومن ثم لما أسلم ثمامة، وقدم معتمرا قالوا: أصبأت؟ قال: لا, بل أسلمت. فلما اشتهرت هذه اللفظة بينهم في موضع أسلمت، استعملها هؤلاء، وأما خالد، فحمل اللفظة على ظاهرها

<<  <  ج: ص:  >  >>