وروى البيهقي عن الضحاك قال: فدعا موسى حين توجه إلى فرعون، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين: "كنت وتكون، وأنت حي لا تموت، تنام العيون، وتنكدر النجوم، وأنت حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، يا حي يا قيوم". والجمع أنه دعا بجميع ذلك، وقوله: "لا تعبد بعد اليوم"؛ لأنه أول يوم لقي فيه المشركين بعد الفتح الأعظم، ومعه المشركون والمؤلفة قلوبهم، والعرب في البوادي كانت تنتظر بإسلامها قريشا، فلو وقع والعياذ بالله تعالى خلاف ذلك، لما عبد الله. وقد روى الواقدي عن قتادة قال: مضى سرعان المنهزمين إلى مكة يخبرون أهلها بالهزيمة، فسر بذلك قوم من أهلها وأظهروا الشماتة، وقال قائلهم: ترجع العرب إلى دين آبائها وقد قتل محمد وتفرق أصحابه، فقال عتاب بن أسيد، إن قتل محمد فإن دين الله قائم، والذي يعبده محمد حي لا يموت، فما أمسوا حتى جاءهم الخبر بنصره صلى الله عليه وسلم فسر عتاب ومعاذ، وكبت الله من كان يسر خلاف ذلك. وعند اب إسحاق لما رأى من كان معه صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل مكة ما وقع، تكلم رجال بما في أنفسهم، فقال أبو سفيان بن حرب وكان إسلامه بعد مدخولا: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وإن الأزلام لمعه في كنانته. وصرخ جبلة بن الحنبل، وقال ابن هشام كلدة بن الحنبل: وأسلم بعد ألا بطل السحر اليوم، فقال له أخوه لأمه صفوان بن أمية، هو حينئذ مشرك: اسكت فض الله فاك، لأن يريني رجل من قريش أحب إلي من أن يريني رجل من هوازن، وقال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة: اليوم أدرك ثأري، أقتل محمدا فأقبل شيء حتى غشي فؤادي فعلمت أنه ممنوع مني، وعند ابن أبي خثيمة، لما هممت به حال بيني وبينه خندق من نار، وسور من حديد فالتفت إليّ صلى الله عليه سلم وتبسم وعرف ما أردت فمسح صدري وذهب عني الشك، "وجعل عليه الصلاة والسلام يقول للعباس: "ناد يا معشر الأنصار ". لأنهم بايعوه ليلة العقبة على عدم الفرار "يا أصحاب السمرة". "يعني: شجرة الرضوان التي بايعوا تحتها على أن لا يفروا عنه", كما في مسلم، بل في البخاري أنهم بايعوه على الموت. وجمع الترمذي بأن بعضا بايع على هذا وبعضا بايع على هذا وبعضا على ذاك، كما مر مفصلا "فجعل ينادي تارة يا أصحاب السمرة، وتارة يا أصحاب سورة البقرة" خصت بالذكر