للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين على أنه لا يجوز أن يعتقد انهزامه صلى الله عليه وسلم ولا يجوز ذلك عليه، بل كان العباس وأبو سفيان بن الحارث آخذين ببغلته يكفانها عن إسراع التقدم إلى العدو.

وقد تقدم في غزوة أحد ما نسب لابن المرابط من المالكية، فيما حكاه القاضي عياض في الشفاء: أن من قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم هزم يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وأن العلامة البساطي تعقبه بما لفظه: هذا القائل إن كان يخالف في أصل المسألة يعني: حكم الساب، فله وجه، وإن وافق على أن الساب لا تقبل توبته فمشكل. انتهى.

وقال بعضهم: وقد كان ركوبه عليه الصلاة والسلام البغلة في هذا المحل الذي هو موضع الحرب والطعن والضرب تحقيقا للنبوة، لما كان الله تعالى خصه به من مزيد الشجاعة وتمام القوة، وإلا فالبغال عادة من مراكب الطمأنينة، ولا يصلح لمواطن الحرب في العادة إلا الخيل.


المسلمين", وهو حجة "على أنه لا يجوز أن يعتقد انهزامه صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز ذلك عليه، بل" انتقال مؤكد لما قبله، "كان العباس وأبو سفيان بن الحارث" الهاشميان "آخذين ببغلته يكفانها عن إسراع التقدم إلى العدو" لما ركضها في نحورهم، فنزل عنها، واستنصر، وتقدم ورمى العدو بالتراب، مبالغة في الشجاعة والثبات والصبر، "وقد تقدم في غزوة أحد ما نسب لابن المرابط" محمد بن خلف الإفريقي "من المالكية، فيما حكاه القاضي عياض في الشفاء، أن من قال أن النبي صلى الله عليه وسلم هزم يستتاب، فإن تاب وإلا قتل" مبالغة في الرد على توهم نسبة ذلك إليه، حيث جعله ردة على رأي قوم، "وأن العلامة البساطي" محمد بن أحمد بن عثمان، "تعقبه بما لفظه: هذا القائل إن كان يخالف" المالكية "في أصل المسألة، يعني حكم الساب فله وجه"؛ لأنه خرج عن مذهبه لغيره، "وإن وافق على أن الساب لا تقبل توبته" بالنسبة إلى أحكام الدني، بمعنى أنها لا تفيده في نفي قتله؛ لأن حده كالزاني والشارب، "فمشكل" لمخالفته نص مالك وأصحابه أنه يقتل بلا استتابة "انتهى", فكيف يجوز عليه نسبة شيء يرتد ناسبه أو يقتل، ولو تاب على اختلاف العلماء.
"وقال بعضهم وقد كان ركوبه عليه الصلاة والسلام البغلة في هذا المحل الذي هو موضع الحرب والطعن والضرب تحقيقا للنبوة، لما كان الله تعالى خصه به من مزيد الشجاعة وتمام القوة" وفي الفتح قال العلماء: في ركوبه البغلة يومئذ دلالة على النهاية في الشجاعة والثبات انتهى، فنسبه المصنف إلى البعض لما فيه من زيادة الإيضاح، لا سيما قوله: "وإلا فالبغال عادة من مراكب الطمأنينة، ولا تصلح لمواطن الحرب في العادة، إلا الخيل" لأنها أشد

<<  <  ج: ص:  >  >>